تَحقَّق أَمِير المُؤْمنِيْن أكْثر منها، وصَفَحَ عنه، فلا يَد له عليه إلَّا بالإحْسان إليه.
وأنَّ لحُسَيْن بن عليّ هذا اخْتِيَاره - عندَ وقُوفه على هذا الكتاب - في انْكِفَائهِ إلى البَاب العَزِيْز والتَّعرُّض للخِدْمَة، أو التَّوفُّر على العِبَادَة؛ لا يُكْره على خِدْمَة يستَعْفي منها، ولا تُقبل عليه الأقَاوِيْل في خِدْمَة يتعلَّق (a) بها.
وأقْسَمَ أَمِير المُؤْمنِيْن الحاكِم بأمْر الله على ذلك بأيْمان الله، وغَلِيْظ مَوَاثِيْقه، وبَيْته الحَرَام، ومَشَاعره العِظَام، وآياته الكِرَام، وحُقُوق جمِيع آبائهِ عليهم السَّلام، فمتى غيَّر أو بدَّل، أو أمَرَ أَو أمْلَى، أو أَسَرَّ أو أعْلَن، أو دسَّ أو اغْتَال، فجَميع المُسْلمين في شرْق الأرْض وغَرْبها، وفي المُوْقَان، والرَّيّ، وجُدَّة، وأَذْرَبِيْجَان، والدِّيْنَور، وهَمَذَان، والسَّهْل والجَبَل، والقَرِيْب والبَعِيْد، والعِرَاق، والشَّام، وديار رَبِيْعَة، ودِيَار بَكْر، وديار مُضَر، وحَلَب، ومِصْر، والحِجَاز، والمَغْرب، في حِلٍّ وسَعَة من بَيْعَته، وقد فَسَح اللهُ لهم، وفَسَحَ لهم أَمِير المُؤْمنِيْن في النَّكْث لها، وبرَّأ نَفْسَهُ ممَّا أوْجَبَهُ عليهم والتزمُوه في أعْنَاقهم، وقد بَرئ من الله ورَسُوله، والله ورَسُوله منه بَريْئان، وبَرئ إليه من حَوْلهِ وقُوَّته، والْتَجى إلى حَوْل نفسه وقُوَّتها، وأشْهَد الله وملائكته وصَالحي خَلْقه على نَفْسه بذلك كُلّه؛ أمَانًا مُؤكِّدًا، وذِمَامًا مُؤبَّدًا، وعَهْدًا مَسْؤُولًا، ومِيْثَاقًا مَحْفُوظًا مَرْعِيًّا، {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}(١). وكَتَب المَنْصُور بيَده.
وتوجَّه ابنُ المَغْرِبيّ قَبْلَ وُصُول هذا الأمَان إليه إلى العِرَاق، وقَصَدَ فَجْر المُلْكِ أبا غالب وَزِير مُشَرِّف الدَّوْلَةِ أبي عليّ، وبَلغَ القَادِر باللهِ خَبَرُه، فاتَّهمه بالوُرُود لإفْسَادِ الدَّوْلَة العبَّاسيَّةِ، وتردَّد بينه وبين فَخْر المُلْك في بابهِ ما أوْجَب