للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُمَّال، وتَمادَى به السَّيْرُ إلى أنْ قَرُب من المَوْصِل، ثمّ أسْرَى من اللَّيْل فصَبَّح المَوْصِل، واجْتَمع بصَاحِبها وقلَّدَهُ وزَارَتهُ، وتَردَّد في الدُّخُول إلى الحَضْرة، ووسَاطَة ما بين السُّلْطان وبين مُعْتَمد الدَّوْلَة، واجْتَمع برُؤَسَاء الأتْراك والدَّيْلَم واسْتمالَهم، وكان المَلِك ببَغْدَاد إذا ذاك أبو عليّ ابن سُلْطان الدَّوْلَة أبي شُجاع ابن بَهَاء الدَّوْلَة أبي نَصْر ابن عَضُد الدَّوْلَة أبي شُجاع ابن رُكْن الدَّوْلَة أبي عليّ، وشَرَع له أبو مَنْصُور قردُوسْت في الوِزَارَة شُرُوعًا لَم يتمّ في حَيَاتِهِ، وعَدَل أبو القَاسِم بعد وَفَاته إلى مُراسَلَةِ الأثِيْر أبي المِسْك عَنْبر واسْتِمَالَته، واعْتَنق السِّفَارَة بينه وبين أبو الحُسَين بن وصِيْف، فلمَّا قبض على مُؤيَّد المُلْك، كُوْتِبَ أبو القَاسِم بالوُرُود، فوَرَد وتقَلَّد الوِزَارَة بغير خُلَعِ ولا لَقَب ولا مُفَارَقة للدَّرَّاعَة، وذلك في شَهر رَمَضَان سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة.

وكان عَالِمًا فَاضِلًا، وبَلِيْغًا مُتَرَسِّلًا، ومُفَنَّنًا في كَثِيْر من العُلُوم الدِّيْنِيَّة والأدَبيَّة والنُّجُوميَّة، ومُشَارًا إليه في قُوَّة الذَّكَاء والفِطْنَة، وسُرْعة الخَاطِر والبَدِيْهَة، وأقامَ في الوِزَارَة بالحَضْرة شُهُورًا، أوْحَشَ فيها الأَمِير أبا المِسْك من الوَافي أبي مُقَاتِل أَرَسْلَان الطَّويل، وأغْرَاهُ به حتَّى قَبَض عليه وقتَلَهُ، وجَرَى في أثْناء ذلك من الأُمُور الّتي دَعَت مُشَرِّف الدَّوْلَة والأَمِير أبا المِسْك إلى مُفَارقة بغْدَاد والخُرُوج إلى أَوَانَا ما قد شُرِحَ في كُتُب التَّوَاريْخ.

وخَرَجَ الوَزِير أبو القَاسِم معهما، ثمّ عَرض له من الإشْفَاق ما حَمَلهُ على مُفارَقتهما، وقَصْد مُعْتَمد الدَّولَةِ أبي المَنيع قِرْوَاش، وتجدّد من سُوءِ رَأي الخلِيفَةِ القَادِر باللهِ فيه لِمَا حَدَث بين الزَّكِّي أبي عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن وأبي الحَسَن عليّ بن أبي طَالِب، وبين أبي عليّ المُخْتَار بن عُبَيْدِ الله والهاشِمِيِّيْن بالكُوفَة من الفِتْنَة الّتي ذَهَبَت فيها النُّفُوس والأمْوَال، ممَّا جُمِعَت فيهِ الجُمُوع، وعُقِدَت بهِ المحاضر المُشْتَملة على ذَمِّهِ، والوَقِيْعَة فيه ما أوْجَب له قَصْد نَصْرِ الدَّولَةِ أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>