للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَصْر بن مَرْوَان، والبُعْد إلى بلادهِ، فأقامَ عندَهُ على حُكْم الضِّيَافَة مُدَّةً؛ أكْرَمَهُ فيها نَصْرُ الدَّولَةِ غاية الإكْرَام، وأقْطَعهُ ضِيَاعًا جَلِيْلَةً تَقُوم به وبمَن وَصَل معه من حَاشِيَته وأتْبَاعه، ولَم يزل عنده إلى أنْ كُوْتِبَ من بَغْدَاد بالعَوْد إليها، فاسْتأذَن نَصْر الدَّولَة على ذلك فلم يُمكنه مُخَالَفتهُ.

قُلتُ: وحَالَت المَنِيَّة بينَهُ وبين الوُصول إلى بَغْدَاد، على ما نَذكُرهُ في وَفَاته إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى بمَيّافَارقِين.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو الكَرَمِ خَمِيْس بن عليّ الحوزِيّ الحافِظ، قال: سَمِعْتُ غير واحدٍ من أصْحَابنا يَقُول: لمَّا نَزل الوَزِيرُ المَغْرِبيُّ بوَاسِط في دَرْب الوَاسِطِيِّيْن، مَكُث أيَّامًا لَم يَحْضُر مَسْجِدَهُم، فدَخَلَ عليه أبو بَكْر هذا - يعني أبا بَكْر أحْمَد بن العبَّاس الدُّوْنَبانيّ (a) - فقال: يا شَيْخ، يا أُسْتَاذ، يا وَزِير، مهما شِئْتَ كُنْ! إنْ كُنْتَ تَحْضر مَسْجِدنا هذا في الصَّلَوَاتِ الخمْسِ وإلَّا فانْتَقِل عنَّا، فقال: السَّمْعُ والطَّاعَة أيُّها الشَّيْخ، ثُمَّ انتقَلَ عنهم من يَوْمهِ.


(a) الأصل: الدونباي، ولم ترد النسبة عند ابن ماكولا ولا السمعاني، والمثبت من تاريخ بغداد ١٦: ٤٢٢، ذكره عرضًا في ترجمة يعقوب بن إسحاق بن تحية الواسطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>