للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وبِهِ تَوْفِيقِي

نَقَلْتُ من كتاب المُفَاوَضَة، جَمْعُ مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب، من خَطِّهِ، وأخْبَرَنَا به أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاك في كتابهِ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن بِشْرَان إذْنًا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن مِهْيَار الشَّاعر، قال: لمَّا وَزَرَ أبو القَاسِم بن المَغْرِبيّ ببَغْدَاد تَعَظَّم وتَكَبَّر، ورَهِبَهُ النَّاس، وانْقَبَضْتُ عن لقائهِ، ثمّ خِفْتُ عَاقِبَة ذلك، فعَمِلتُ فيه قَصِيْدَتي البَائيَّة المَشْهُورة الّتي أوَّلُها (١): [من السريع]

هل عندَ عَيْنيك على غُرَّبِ

ودَخَلْتُ إليهِ فوقفْتُ بينَ يَدَيْهِ طَمَعًا في أنْ يُجْلسَني، فما فَعَل، فأنْشَدتُهُ:

نَعَمْ دُمُوعٌ يكتَسِي تُرْبُهُ … منها قَمِيْصُ البَلَدِ المُعْشِبِ

فرَفعَ طَرْفَهُ إليَّ وقال: إجْلِسْ أيُّها الشَّيْخ، فجلَسْتُ، ومَرَرْتُ في القَصِيدَة حتَّى بَلَغْتُ إلى قَوْلي (٢):

جاءَ بكَ اللّهُ على فَتْرةٍ … بآيةٍ مَنْ يَرَها يعْجَبِ

لَم تَألَف الأبْصَار من قبلها … أنْ تطلُعَ الشَّمْسُ من المَغْرِبِ

فقال: أحْسَنْتَ يا سَيِّدِيّ، فلمَّا فَرَغْتُ من الإنْشَادِ، جَمَعَ كُلِّ ما كان بينَ يَدَيْهِ من دِيْنارٍ ودِرْهَمٍ، فدفَعَهُ إليَّ، وكان قَدْرها مائتي دِيْنار، فقبَّلْتُ الأرْض وانْصَرَفْتُ.


(١) ديوان مهيار الديلمي ١: ٧٥، وعجز البيت: غرامةٌ بالعارضِ الخُلَّب.
(٢) ديوان مهيار ١: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>