يَمِينًا لجَهلي فيكَ أَشْهَى مِنَ النُّهىَ … إليَّ معَ الشَّيْبِ الّذي جَار قَصْدُهُ
أَقبلَ حُلُولِ الأرْبَعِين تَسَرَّعَتْ … طَلَائعه نَحْوي وطَبَّقَ رِفْدُهُ
أَرَى كُلَّ يَوْم مرَّ مِن عُمُرِ الفَتَى … إذا ما تَقَضَّى أعْجَزَ المَرْءَ رَدُّهُ
وكُلَّ نعِيم نالَهُ في شَبَابهِ … يُشَابُ إذا ما شَابَ بالصَّابِ شُهْدُهُ
فلا تْبْعُدَا عَهْدَ الشَّبَاب إذِ الهَوَى … عليَّ أمير والغَوَايةُ جُنْدُهُ
وإذْ مركَبي طِرْفٌ مِنَ الجهلِ جَامِحٌ … على الحِلْم في مضْمَارِهِ ما يَصُدُّهُ
وإذ صَارِمُ الأفْرَاحِ واللَّهْوِ منْتضى … على الهمِّ في يُمْناي لَم ينْبُ حَدُّهُ
أرُوْحُ وأغْدُو بين كأسٍ وقَيْنَةٍ … وخِلٍّ ومَعْشُوقِ الدَّلَالِ أوَدُّهُ
أمَامي الهَوَى يَدْعُو إلى الغيِّ والصِّبَا … ورَائي على الزَّلاتِ يُسْحَبُ بُردُهُ
سَقَى اللهُ يومًا لو يُحَدّ إذا انْقَضَى … سرور لقُلْنَا ذلكَ اليوْمُ صَدّهُ
سَحَبْنَا فُضُولَ الرَّيْط فيهِ إلى الصّبَا … نَدَامَي صَفَاءً ما يُكدَّرُ وِرْدُهُ
يُدِيرُ علينا الكاسَ أهْيَفُ مُخْطَف … إذا ما نثنَّى أخْجَلَ الغُصْنَ قَدّهُ
حَكَي ما حَوَتْ يمناهُ بالطّعْمِ ريقُهُ … وبالفعْلِ عَيْناهُ وباللَّوْنِ خَدُّهُ
إذا انْجابَ عنَّا غَيْهَبُ السُّكْرِ فانْجَلَى … أدارَ لنا مِن لَحْظِهِ ما يمِدُّهُ
إلى أنْ دَجَى لَيْلٌ لِصُدْغَيْهِ وانْقَضَى … كبهْجَتِهِ يَوْم بِهِ تَمَّ سَعْدُهُ
فبِتْنا نَرَى أنَّ النُّجُومَ بكَفِّهِ … تُدَارُ وأنَّ البَدْرَ في الحُسْنِ عَبْدُهُ
طَوَى الدَّهْرُ ذاك العَيْشَ إلِّا إدِّكَارَهُ … وهل ذِكْرُ ما أبْلَى الزَّمانُ يُجِدُّهُ
فدَعْهُ وعَدِّ القَوْلَ في مَدْحَ من خَدى … رِكَابَكَ مِن أقْصَى العِرَاقَيْنِ قَصْدُهُ
أَبي المُرْهَفِ المأمُولِ نَصْرِ بنِ مُنْقِذِ الـ … ـكِنَانِيِّ مَجْدِ الدِّينِ لا زالَ مَجْدُهُ
إذا تَجِدُ الإحْسانَ يملي ثناءَهُ … على خَاطِرٍ مَدْحُ اللِّئَام يَكُدُّهُ
حَقِيقٌ بعزِّ الدَّوْلَةِ المَدْحُ إنَّهُ … أتَى فيهِ حَقًّا ليْسَ يُمكِنُ جَحْدُهُ
فإنْ أُوْلِهِ منِّي الثَّنَاءَ فأهْلُهُ … وإنِّي وشِعْري لَلمُقِلُّ وجُهْدُه