للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمِينًا لجَهلي فيكَ أَشْهَى مِنَ النُّهىَ … إليَّ معَ الشَّيْبِ الّذي جَار قَصْدُهُ

أَقبلَ حُلُولِ الأرْبَعِين تَسَرَّعَتْ … طَلَائعه نَحْوي وطَبَّقَ رِفْدُهُ

أَرَى كُلَّ يَوْم مرَّ مِن عُمُرِ الفَتَى … إذا ما تَقَضَّى أعْجَزَ المَرْءَ رَدُّهُ

وكُلَّ نعِيم نالَهُ في شَبَابهِ … يُشَابُ إذا ما شَابَ بالصَّابِ شُهْدُهُ

فلا تْبْعُدَا عَهْدَ الشَّبَاب إذِ الهَوَى … عليَّ أمير والغَوَايةُ جُنْدُهُ

وإذْ مركَبي طِرْفٌ مِنَ الجهلِ جَامِحٌ … على الحِلْم في مضْمَارِهِ ما يَصُدُّهُ

وإذ صَارِمُ الأفْرَاحِ واللَّهْوِ منْتضى … على الهمِّ في يُمْناي لَم ينْبُ حَدُّهُ

أرُوْحُ وأغْدُو بين كأسٍ وقَيْنَةٍ … وخِلٍّ ومَعْشُوقِ الدَّلَالِ أوَدُّهُ

أمَامي الهَوَى يَدْعُو إلى الغيِّ والصِّبَا … ورَائي على الزَّلاتِ يُسْحَبُ بُردُهُ

سَقَى اللهُ يومًا لو يُحَدّ إذا انْقَضَى … سرور لقُلْنَا ذلكَ اليوْمُ صَدّهُ

سَحَبْنَا فُضُولَ الرَّيْط فيهِ إلى الصّبَا … نَدَامَي صَفَاءً ما يُكدَّرُ وِرْدُهُ

يُدِيرُ علينا الكاسَ أهْيَفُ مُخْطَف … إذا ما نثنَّى أخْجَلَ الغُصْنَ قَدّهُ

حَكَي ما حَوَتْ يمناهُ بالطّعْمِ ريقُهُ … وبالفعْلِ عَيْناهُ وباللَّوْنِ خَدُّهُ

إذا انْجابَ عنَّا غَيْهَبُ السُّكْرِ فانْجَلَى … أدارَ لنا مِن لَحْظِهِ ما يمِدُّهُ

إلى أنْ دَجَى لَيْلٌ لِصُدْغَيْهِ وانْقَضَى … كبهْجَتِهِ يَوْم بِهِ تَمَّ سَعْدُهُ

فبِتْنا نَرَى أنَّ النُّجُومَ بكَفِّهِ … تُدَارُ وأنَّ البَدْرَ في الحُسْنِ عَبْدُهُ

طَوَى الدَّهْرُ ذاك العَيْشَ إلِّا إدِّكَارَهُ … وهل ذِكْرُ ما أبْلَى الزَّمانُ يُجِدُّهُ

فدَعْهُ وعَدِّ القَوْلَ في مَدْحَ من خَدى … رِكَابَكَ مِن أقْصَى العِرَاقَيْنِ قَصْدُهُ

أَبي المُرْهَفِ المأمُولِ نَصْرِ بنِ مُنْقِذِ الـ … ـكِنَانِيِّ مَجْدِ الدِّينِ لا زالَ مَجْدُهُ

إذا تَجِدُ الإحْسانَ يملي ثناءَهُ … على خَاطِرٍ مَدْحُ اللِّئَام يَكُدُّهُ

حَقِيقٌ بعزِّ الدَّوْلَةِ المَدْحُ إنَّهُ … أتَى فيهِ حَقًّا ليْسَ يُمكِنُ جَحْدُهُ

فإنْ أُوْلِهِ منِّي الثَّنَاءَ فأهْلُهُ … وإنِّي وشِعْري لَلمُقِلُّ وجُهْدُه

<<  <  ج: ص:  >  >>