للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمَّاد بن مَنْصُور البُزَاعيَ، فقال: هو مُؤَدِّبي تَأدَّبْتُ بهِ، وكان عَقْلُه يَغْلبُ عليهِ، وذَكَرَ لي كَلامًا مَعْناهُ أنَّهُ كان يُنْسَبُ إلى التَّشَيُّع.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج الصُّوَيتيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عِمَاد الدِّين أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِب، قال في خَرِيْدَة القَصْر (١): حَمَّاد الخَرَاط، وهو حَمَّاد بن مَنْصُور البُزَاعِيّ، وبُزَاعَا بين حَلَب ومَنْبِج، ليسَ بالشَّام في عَصْرِنا هذا مثْلُه رِقَّةَ شِعْرٍ، وسَلَاسهَ نَظْمٍ، وسُهُولَة عِبَارَة، ولَفْظ ولطَافة، ومَعْنى وحَلَاوة، مُغْرىً (a) بأُسْلُوب سَالِب للُّبِّ، خَالِب للخِلْب، وصَنْعَة عَارِيَة من التَّكَلُّف، بَاينَة (b) من التَّعَسُّف، تَتَرَنَّح له أعْطَافُ السَّامِعيْن، وتَتْبَعُ (c) رقَّتهُ في رياضِ اللُّطْف للماءِ المَعِيْن.

لمَّا كُنتُ بحَلَبَ، وعند تَرَدُّدِي إليها في عَهْدِ نُور الدِّين سَقاهُ الله عِهَادَ الرَّحْمَة (d)، ما زلتُ أسَمِعَ من شِعْره ما يزيدُني طَرَبًا، ويُفِيدُني عُجْبًا به وعَجَبًا. وذَكَرَ له أشْعَارًا حَسَنَةً.

أنْشَدَني مُهَذَّبُ الدِّين أبو الحَسَن عليّ بن فَضْل الله بن الدَّقَّاق الحَلَبيَّ بمَنْزِله بها، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذُ حَمَّادُ بن مَنْصُور بن حَمَّاد البُزَاعِيّ لنَفْسِهِ (٢): [من مجزوء الكامل]

يا ضرَّةَ القَمَرِ المُدِلَّهْ … بجَمَالِها باللهِ باللهْ

جُوْدِي فلَيْسَ البُخْل حلْ … ـــيَةُ مَن عليهِ الحُسْنُ حُلَّهْ

وتَعَطَّفِي عَطْفَ الكَرِيْـ … ــمِ على مُعَنَّاكِ المُدَلَّهْ


(a) في الخريدة: ولطافة معنى، وحلاوة مغزى.
(b) الخريدة: نائية.
(c) الخريدة: وتنبع.
(d) الخريدة: سقى الله ثراه عماد الرحمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>