قال أبو حَفْص بن الأزْرِق: سَار بَرْمَكُ يعني من عند هِشَام بن عَبْد المَلِك حتَّى قَدِمَ جُرْجَان، فنَزَلَ على يزِيد بن البَرَاءِ، وأعْلَمهُ ما صارَ إليه من الخلَيفَة، وزوَّج ابنَهُ خَالِد بن بَرْمَك من أُمّ خَالِد بنت يَزِيْد، وكان خَالِد أحبّ ولدِه إليه، وكان يقُول فيما ذكَر المَشَايخُ عنه: به يَجْبُر الله وَلدِي وأهْل بَيْتي.
قال ابنُ الأزْرَق: وحَدَّثني عَمْرو بن بَحْر الجاحِظ (١)، قال: حَدَّثَني ثُمَامَةُ بن أشْرَس، قال: كان أصْحَابنُا يقولُونَ: لم يكُونوا يَرَون لجَلِيْسٍ خَالِد بن برمَك دارًا إلَّا وخَالِدٌ بناها له، ولا ضَيْعَة إلَّا وخَالِد ابْتاعَها له، ولا ولدًا إلَّا وخَالِد وَهَبَ له أُمَّه، ولا دَابَّةً إلَّا وخَالِد وَهَبها له، إمَّا من نِتَاجهِ أو غير نِتاجهِ.
وقال: وحَدَّثني بِشْر بنِ حَرْب بن يَزِيْد الطَّالَقَانِيّ، وغيره من مَشَايخ الدَّعْوَة، أنَّهم كانوا يُسَمُّون خَالِد بن بَرْمَك أمين آل مُحَمَّد.
قال: وحَدَّثني بِشْر بن فَاسْتك؛ شَيْخٌ من أهْل البَامِيَان، عن عليّ بن عِصْمَة، قال: كان يُقال: ما أحَدٌ من أهْل خُرَاسَان إلَّا ولخالِد بن بَرْمَك عليه منَّةٌ، وذاك أنَّهُ قَسَّطَ الخَرَاجَ عليها، فأحْسَنَ فيهِ إلى أهْلها.
قال ابنُ الأزْرَق: وكان خَالِدُ بن بَرْمَك سَمِعَ من أبيهِ ذلك القَوْل في مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْدِ اللهِ بن عبَّاسٍ، وحَفِظ عنهُ، وبحث عن الأُمُور بعد أبيهِ حتَّى انْكَشَفَتْ له، فكاتب الإمَام ورَاسَلَهُ، وكانت رُسُل الإمَام تَأتيه، وأمْره ونَهْيه يَرِد عليه، وصُيِّر من الدُّعَاة الّذين يَتْلونَ النُّقَبَاءِ، فإن اسْمُه في كتاب الدَّعْوَة فيهم مع نُظَرائهِ من الدُّعَاةِ حتَّىَ حَدَث من أَمْرِ البَرَامِكَة في أيَّام الرَّشِيْد ما حَدَث، فأسْقَطه منه أبو عِصْمَة وغيره من الشِّيْعَة تَقَربًا إلى الرَّشيْد بذلك، فهو يُوْجَد في خَواصِّ الكُتُب.
(١) لم أقف على كلام الجاحظ - هنا وتاليه - في المتاح من مؤلفاته.