للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فقال له هِشَام: للّه دَرُّكَ يا ابن صَفْوَان! لقد أُوْتيتَ لسَانًا وعِلْمًا وبَيَانًا، فأكْرَمهُ، وأحْسَن جَائزَته، وقدَّمَهُ على أصْحَابهِ.

أخْبَرَنا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفَر بن عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن عليّ الدَّامَغَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبيّ، قال: أخْبرنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن سَوَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن عليّ بن رِزْمَة، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد السّيْرَافيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مَزْيَد، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر (١)، قال: حَدَّثَني عُمَر بن أبي بَكْر المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن أبي عُبيدَة بن مُحَمَّد بن عَمّار بن يَاسِر، قال: قَدِمَ خَالِد بن صَفْوِان على هِشَام بن عَبْد المَلِك، فقال له: مَرْحَبًا بك يا ابنَ صَفْوَان، قال: رَحُب وَادِيكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، وعَزَّ نَادِيْكَ، وهَطَلَتْ عليكَ مُكْفَهرَّاتُ الغَمَام، قال: كيف أنْتَ في مَسِيْرك؟ قال: من اللّهِ في نِعَمٍ مُتَواتِرة لا أتَعرَّف فيها إلّا المزيْدَ منه، حتَّى إذا كُنَّا بثَنيَّة السَّمَاوَة بَعَثَ اللهُ علينا رِيْحًا حَرْجَفًا، احْمَرَّت لها آفاقُ السَّماءِ، وانْجَحَرَت لها الطَّيْرُ في أوْكَارها، والسِّبَاع في أسْرَابها، فلم أَهْتَدِ لعَلَم لامعٍ، ولا لنَجْمٍ طَالعٍ، فكُنت كالمُحْرَنْجَم إنْ تقدَّم عُقِرَ، وإنْ تأخَّر كُسِرَ، فبَيْنا نحنُ كذلك إذا نحن بفِتْيةٍ من بَنِي مَرْوَان، كأنَّهُم قُضُبُ الشَّوْحَط على خُيُولٍ لهم لاحِقَة الأَياطِل، تَهْوي بهم هُوي الأجَادِل، عليها كُلُّ غِطْرِيْفٍ مُتْرفٍ، كالحُسَام المُرْهَف، خَلْفَهُم سَلُوْقِيَّةٌ، في أعْنَاقها تلَعٌ، وفي أعْجَازها قمَعٌ، وفي أرْسَاغها فدَعٌ، فبَيْنا نحنُ كذلك إذ وَرَدْنا على مَوْزٍ لعَبْد المَلِك بن مَرْوَان كأنّهُ خَشَبُ (a) اليَرَابِيْع، قد أحْلَوْلَكَ أَفْنَاؤُهُ، وحَاد به أصْحَابُه، فنَزَلنا فكُنَّا بين آكلٍ ونَاسِعٍ وطَاهٍ ولَاهٍ ومُسْتَوٍ، فيا لك من مَنْزِل كريم مآبه، جَادَ بهِ أرْبَابُه.


(a) الأخبار الموفقيات: جثث.

<<  <  ج: ص:  >  >>