فأجابَهُ هِشَام بجوابٍ حَسَنٍ، وقال له: امْضِ فألْمِم بأهْلكَ، وعَجِّل الرَّجْعَة إلينا لتَنَال من دُنْيانا، ونَنَال من طِيْبك.
فحَسَدهُ رَجُلٌ من القَوْم فقال: ممَّن الرَّجُل؟ فقال: من أهْل العِرَاقِ، قال: من أيِّ أهْل العِرَاق؟ قال: من البَصْرَة، فأمْسَكَ عمَّا سوى ذلك وانْقَطَعَ، فقال له خَالِد: قد سألْتَ فأجْبَناكَ، فممَّن الرَّجُل؟ قال: من أهْلِ الحِجَاز، فقال: بَخٍ بَخٍ بَلَد العَرَب، ومَنْشَؤُ أهْلِ الأدَب، فمن أيّ أهل الحِجَاز؟ قال: مَكَّة، قال: بَخٍ بَخٍ حَرَمُ اللّه وأَمْنهُ، ومُهَاجَرُ إبْراهيم وإسْمَاعِيْل، فمن أيّ أهل مَكَّةَ؟ قال: من بَنِي عَبْد الدَّار، قال: لم تَصْنعَ شيئًا يا أخا بَنِي عَبْد الدَّار، هشمَتْكَ هاشِم، وأمَتْك أمَيَّةُ، ولوَتْ عليك لُؤَيّ، وغلبَتْكَ غَالِب، ونَفَتْكَ مَنَافٌ، وزهَرَت عليك زُهْرَةُ، فأنتَ عَبْدُها وابنُ عَبْدِها، تُغْلِقُ ورَاءها إذا خَرَجَت، وتَفْتَح دُوْنَها إذا دخَلَتْ، قُم فاسْمُك العَبْقَرِيّ نبات الرَّوَابيّ، فكان ذلك سَبَبًا لهَرَب العَبْدِيّ من الشَّام.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْشٍ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليِّ الجازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريِّ (١)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن العبَّاسِ العَسْكَريُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن أبي سَعْدٍ، قال: حَدَّثَني أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن يَعْقُوبَ بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: كان أبو العبَّاس يُعْجبُه السَّمَرُ ومُنَازَعةُ الرِّجَال، فحَضَرَهُ ذاتَ لَيْلَةٍ في سَفَره (a) إبْراهيم بن مَخْرَمَة الكِنْدِيّ، وناسٌ من بَنِي الحَارِث بن كَعْب، وهُم أخْوَالهُ، وخَالِد بن صَفْوَان بن إبْراهيم التَّمِيْمِيّ، فخاضُوا في الحَدِيْث، وتَذَاكَرُوا مُضَر واليَمَن، فقال إبْراهيم: يا أَمِير