قال خَالِدٌ: فرَكِبْتُ بالعَشِيّ إليهِ وأنا مَسْرُورٌ بما ألْقَيْتُ إلى أَمِير المُؤمنِيْن فبينا أنا مع الصَّحَابَة واقفٌ إذ أقْبَلَتِ البُخاريَّة تَسْأل عنِّي، فتحقَّقْتُ الجَائِزَةَ، فقُلتُ: ها أنا ذا خَالِدٌ، فسَبَقَ أحَدُهُم إليَّ بخَشَبَةٍ، فلمَّا أَهْوَى إليَّ غَمَزْتُ بِرْذَوْنيّ، ولحقَهُ فضَرَبَ كفَلَهُ، وتَعَادَى إليَّ البَاقُونَ وغَمَزْتُ بِرْذَوْني ففُتُّهُم.
واسْتَخْفَيْتُ في مَنْزِلي أيَّامًا، ووَقَع في قَلْبي أنِّي أُتِيْتُ من قِبَل أُمّ سَلَمَة، وطَلَبَني أَمِيرُ المُؤْمنِيْن فلم يَجِدُونيّ، فلَم أشْعُر إلَّا بقَوْمٍ قد هَجَمُوا عليَّ، وقالوا: أَجِبْ أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، فسَبَق إليَّ أنَّهُ المَوْتُ، فقُلتُ: إنَّا للّهِ، لَم أرَ دَمَ شَيْخٍ من العَرَب أَضْيَعَ من دَمِي! فركبتُ ورَكِبُوا معيّ، ثمّ أذنَ لي فرأيتُه خاليًا فرَجَع إليَّ عَقْليّ، ورَأيْتُ في المَجْلِس بَيْتًا عليه سُتُورٌ رِقَاقٌ، فقال: يا خَالِدُ، لَم أرَكَ؟ قُلتُ: كُنْتُ عَلِيْلًا يا أَمِير المُؤْمنِيْن، فقال: وَيْحَك إنَّكَ وَصَفْتَ لي آخر دَخْلَةٍ دَخَلْتَها عليَّ من أمْرِ النِّسَاء والجَوَار صِفَةً لم يَخْرق مَسَامِي كَلامٌ أحْسَنُ منهُ، فأعِدْهُ عليَّ، وسَمِعْتُ حَرَكةً خَلْفَ السِّتْر، فقُلتُ: نَعَم يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أعْلَمتُكَ أنَّ العَرَب إنَّما اشْتَقَّت اسْمَ الضُّرَّتَين من الضُّرِّ، وإنَّ أحدًا يكون عندَهُ من النِّسَاءِ أكْثر من واحدة إلَّا كان في ضُرٍّ! فقال: وَيْحَكَ، لَم يكُن هذا في حَدِيْثكَ، قُلتُ: بَلَى واللّهِ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: فاتْمِم الحَدِيْثَ، قال: وأخْبَرتكَ أنَّ ثلاثًا من النِّسَاءِ كأثَافِي القِدْرِ تَغْلي عليهنَّ أبدًا، قال: برئْتُ من قَرَابتي من رسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عليه وسلَّم إنْ كُنْتُ سَمِعْتُ بهذا منك قَطُّ ولا من غيركَ، قُلتُ: بَلَى واللّهِ يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن إنَّما بهذا حَدَّثتُكَ، قال: فاتْمِمِ الحَدِيْثَ، قُلتُ: وأخْبَرتُكَ أنَّ الأرْبَع من النِّسَاءِ شَرُّ مَجْمُوعٌ لصَاحِبهنَّ يُشَيِّبْنَهُ ويُهْرِمْنَهُ، قال: واللّهِ ما سَمِعْتُ مثل هذا منْكَ ولا من غيرك! قُلتُ: بَلَى واللّهِ يا أَمير المُؤْمنِيْن، قال: أتُكَذِّبُني؟ قُلتُ: أفتَقْتُلني! نَعَمٍ واللّه يا أَمِير المُؤْمنِيْن. وأخْبَرتُكَ أنَّ أَبْكَار الجَوَار رِجَالٌ، إلَّا أنهُنَّ ليسَتْ لهُنَّ خُصَى.