للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَطَطْتُكَ على قَدْري وما أسْتَاهِل في نَفْسِي! قال خَالِد: إذًا واللهِ لا تَغْلبُني، أَعْطِه يا غُلَام مائة ألف.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْد الله بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَجِ المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء (١)، قال: حَدَّثَنَا الحُسَنِ بن القَاسِمِ الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْدِيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن قُريْب الأصْمَعيِّ، قال: حَدَّثَني عُمَر بن الهَيْثم، قال: بينما خَالِد بن عَبْد الله بظَهْرِ الكُوفَة مُتَنَزِّهًا إذْ حَضَرَهُ أعْرَابيٌّ، فقال: يا أعْرَابيّ، أينَ تُريد؟ قال: هذه القَرْيَة؛ يعني: الكُوفَة، قال: وماذا تُحاولُ بها؟ قال: قَصَدْتُ خَالِد بن عَبْدِ الله مُتَعَرِّضًا لمَعْرُوفهِ، قال: فهل تَعْرفهُ؟ قال: لا، قال: فهل بينَك وبينَهُ قَرَابَة؟ قال: لا ولكن لِمَا بلَغَني من بَذْلهِ المَعْرُوفَ، وقد قُلْتُ فيه شِعْرًا أتقَرَّبُ بهِ إليهِ، قال خَالِد: فأنشدْني ما قُلتَ، فأنْشَأَ يَقُول: [من الطويل]

إليكَ ابنَ كُرْزِ الخَيْرِ أقبلْتُ رَاغِبًا … لتَجْبُرَ منِّي ما وَهَى وتَبَدَّدَا

إلى المَاجِدِ البُهْلُولِ ذي الحِلْمِ والنَّدَى … وأكْرَمِ خَلْقِ اللهِ فَرْعًا ومَحْتِدَا

إذا ما أُناسٌ قَصَّرُوا بفعَالِهِمْ … نَهَضْت فلَم تُلْفَى هُنالكَ مُقْعَدَا

فيا لَكَ بَحْرًا يَغْمُرُ النَّاسَ مَوْجُهُ … إذا يُسْأَلُ المَعْرُوفَ جاشَ وأزْبَدَا

بلوتُ ابنَ عَبْد اللهِ في كُلِّ مَوْطنٍ … فألفيْتُ خَيْرَ النَّاسِ نَفْسًا وأمْجَدَا

فلَو كانَ في الدّنْيا مِنَ النَّاسِ خَالِدُ … لجُودٍ بمَعْرُوفٍ لكُنْت مُخَلَّدا

فلا تَحْرِمَنِّي منْكَ ما قد رَجَوتُهُ … فَيُصْبحَ وَجْهي كَالِحَ اللَّوْنِ أَرْبَدَا

فحفِظ خَالِد الشِّعْر، وقال له: انْطَلِقْ صَنَع اللهُ لك.


(١) الجريري: الجليس الصالح ٢: ٤٧ - ٤٩، وأورد ابن عساكر الحكاية في تاريخه ١٦: ١٥٤ - ١٥٧، وابن كثير في البداية والنهاية ١٠: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>