للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه أبو الدَّرْدَاء عَائِدًا، فقال خَالِد بن الوَلِيد: إنَّ خَيْلي الّتي حَبَّسْت في الثَّغْر وسِلَاحي هو على ما جَعَلْتُه عليه؛ عُدَّةً في سَبِيْل الله قُوِّة يُغْزَى عليها، وتُعْلَفُ من مالي، ودَارِي بالمَدِينَة صَدَقَة حبْسٌ لا تُبَاع ولا تُوْرَث، وقد كُنْتُ أشهَدْتُ عليها عُمَر بن الخَطَّاب ليالي قَدِمَ الجابِيَة، وهو كان أمَرَني بها، ونِعْمَ العَوْنُ هو على الإسْلَام، والله يا أبا الدَّرْدَاء إنْ ماتَ عُمَر لتَرَين أُمُورًا تُنْكرها، قال: قال أبو الدَّرْدَاء: وأنا واللهِ أرَى ذلك، قال خَالِد: قد كُنْتُ وَجَدْتُ عليه في نَفْسِي في أُمُور لمَّا تَدَبَّرتها في مَرَضي هذا، وحَضَرني من الله حَاضِرٌ، عَرَفْتُ أنَّ عُمَر كان يُرِيدُ الله بكُلِّ ما فَعَلَ، كُنْتُ وجَدْتُ في نَفْسِي حين بَعَثَ إليَّ مَنْ يُقَاسمني مالي حتَّى أخَذَ فَرْد نَعْلٍ، وأخذتُ فَرْد نَعْل، فرأيتُه فَعَل ذلك بغيري من أهْلِ السَّابِقة (a)، ومَنْ شَهِدَ بَدْرًا، وكان يُغْلظُ عليَّ، وكانت غِلظتهُ على غيري نَحْوًا من غِلْظته عليَّ، وكُنْتُ أُدِلُّ عليه بقَرَابتِهِ (b)، فرأيتُه لا يُبالي قَريبًا ولا لَوْم لَائم في غير الله، فذلك الّذي أَذْهَبَ ما كُنْتُ أجدُ عليهِ، وكان يكْثَرُ عليَّ عندَهُ، وما كان ذلكَ منِّي إلَّا على النَّظَر، كُنْتُ في حَرْب ومُكَابدَة، فكنتُ شَاهِدًا، وكان غَائبًا، فكُنْتُ أعْطي على ذلك فخالفه ذلك من أمْري، فقد جَعَلتُ وَصِيَّتي وتِرْكَتي وإنْفاذ عَهْدِي إلى عُمَر بن الخَطَّاب.

قال: فقُدِمَ بالوَصِيَّةِ على عُمَر فقَبلها وتَرَحَّم عليه، وأنْفَذَ ما فيها، وتزَوَّج عُمَرُ بَعْدُ امْرأتَهُ.

وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد (١)، قال: أخْبَرَنا الفَضْل بن دُكَيْن ومُحَمَّد بن عَبْد الله الأسدِيّ، قالا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن أبي إسْحاقَ، عن أبي السَّفَر، قال: مرضَ


(a) ابن عساكر: السالفة.
(b) ابن عساكر: بقرابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>