للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: [من الرجز]

هذا رَسُولُ الله ذو الخَيْراتِ … بيَثْرِبٍ يَدْعُو إلى النَّجَاةِ

يأمُرُ بالصِّيَام والصَّلاةِ … ويَزَعُ النَّاسَ عَنِ الهَنَاتِ

قال: فقُلْتُ: واللهِ لا أرْجعُ إلى أهْلِي، ولا أطْلُبُ إبلي حتَّى آتي المَدِينَة فأعْلَم هذا الخَبَر. قال: فحَلْلتُ رَاحلَتي، ثمّ رَكِبْتُها وصحْتُ بها، فانْبَعَثَتْ، قال: فأنْشَأ الجِنِّيُّ يقُول: [من الرجز]

صَحِبَكَ اللهُ وسَلَّمْ رَحلْكَا … وأوْجَبَ الأجْرَ وأعْظَمْ حَقَّكَا

آمِنْ بهِ أفْلَجَ رَبُّكْ أمْرَكا … وانْصُرْهَ اعزَّ رَبِّي نَصْرَكا

قال: قُلتُ: مَنْ أنْتَ يَرْحَمكَ اللهُ؟ قال: أنا عَمْرو بن أثَال، وأنا عَامِلُه على جِنّ نَجْد المُسْلمِيْن، وكَفَيْتُ إبلَك حتَّى تَقْدَم على أهْلَك، قال: فَخَرَجْتُ حتَّي أتَيْتُ المَدِينَة، قال: فأقْدمها يَوْم جُمُعةٍ ورسُول الله صَلَّى الله عليه وسلَّم في المَسْجِد، والنَّاس والمَسْحِد غاصٌّ بأهْلهِ، قال: قُلْتُ: أجْلِسُ حتَّى يَخْرُج النَّاسُ ويَقْضُوا حَاجتَهُم، ثمّ أدخُل عليه، فإنِّي لجالسٌ أَنْتَظِر إذ خَرَج إليَّ رَجُلٌ طَويْل آدَمُ كأنَّهُ من رِجَال أَزْد شَنُوءَة، فقال: إنَّ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقْرئُكَ السَّلام، ويقُول: لقد بَلَغني إسْلَامُكَ، فادْخُل فصَلِّ مع النَّاسِ، قال: قُلتُ: مَنْ أنتَ يَرْحَمكَ اللهُ؟ قال: أنا جُنْدَب بن جُنَادَة الغِفَارِيّ -قال أبو عَامرٍ: وهو أبو ذَرٍّ- قال: فدَخَلْتُ معه فصَلَّيْتُ، فلمَّا فَرَغَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم من صَلَاته دَنَوْتُ منه، فأخَذَ بيدِي، قال: فشَهِدْتُ شَهادَةَ الحَقِّ، وقُلتُ: يا رسُول الله، جَزَى الله صَاحِبي خَيْرًا، قال: فقال رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ قد أدَّى إبلكَ إلي أهْلكَ؟ قال: قُلتُ: يا رسُول اللهِ، جَزَاهُ الله خَيْرًا، قال: فأسْلَمْتُ؛ فهو كان بَدْو إسْلَامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>