للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُلَامٌ حين رَاهق الحُلُمَ من ذلك الخِبَاءَ فقام يُصَلِّي، فقُلْتُ للعبَّاسِ: ما هذا يا عبَّاس؟ قال: هذا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن عَبْد المُطَّلِب ابن أخي، قال: فقُلْتُ: مَنْ هذه المَرْأةُ؟ قال: هذه امْرأتهُ خَدِيجَةُ ابنَةُ خُوَيْلِد، قال: فقُلْتُ: مَنْ هذا؟ قال: هذا عِليّ بن أبي طَالِب ابن عَمّه، قال: فقُلْتُ: ما هذا الّذي يَصْنَع؟ قال: يُصَلِّي؛ وهو يْزعُمُ أنَّهُ نَبيٌّ ولَم يَتَّبعْهُ على أمْره إلَّا امْرأتهُ وابن عَمّه، وهو يَزْعُمُ أنَّهُ سَتُفْتَح عليه كنُوز كِسْرَى وقَيْصَر.

قال: وكان عَفِيف -وهو ابنُ عَمِّ الأشْعَث بن قَيْس- يقُول وأسْلَم بعد ذلك فحَسُنَ إسْلَامُهُ: لو كان اللَّهُ رَزَقني الإسْلَام يَوْمئذٍ فأكون ثانيًا مع عليّ بن أبي طَالِب.

أنْشَدَني أبو الفِدَاء إسْمَاعِيل بن حَامِد القُوصِيّ، قال: أنْشَدَني المَلِكُ الظَّافِر مُظَفَّر الدِّين أبو العبَّاسِ الخَضِر ابن السُّلْطان المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين أبي المُظَفَّر يُوسُف بن أيُّوب، رَحِمَهُ اللَّهُ، في طَريق مَكَّة، شرَّفَها اللَّهُ تعالى، وكان أمير الحَاجّ يَوْمئذٍ سَنَة عَشر وستمائة، لرَضي الدِّين يَحْيَى بن سَالَم بن أبي حَصِيْنَة المَعَرِّيّ يَمْدَح والدَهُ المَلِكَ النَّاصِرَ: [من البسيط]

قالُوا نَرَى نَاصِرَ الإسْلَام منذُ وَلى … لَم يَدَّخِرْ ذَهَبًا عن أهْلِ دَوْلَتِهِ

وكُلُّ مَنْ قد مَضى مِن قبل مِن مَلِكٍ … بالجَمْعِ للمَال أفْنَى طُول مُدَّتِهِ

أمَا تَرَى النَّحْلَ يَحْوي قُوْتَهُ سَنَةً … واللَّيْثُ لا يَقْتَني قُوْتًا للَيْلَتِهِ

فقُلْتُ للضَّعْفِ أضْحَى ذاك مُدَّخِرًا … وَتَرْكُ ذا الذُّخْرَ مِن إفْرَاطِ شِدَّتِهِ

قال لنا القُوصِيّ: وأنْشَدَني، رَحِمَهُ اللَّهُ، لرَجُلٍ من أُدَبَاءِ أهْل الأنْدَلُسِ، وَرَدَ على والدِه السُّلْطان المَلِك النَّاصِر رَحِمَهُ اللَّهُ، وأنْشَدَهُ هذه الأبيات الثَّلاثة، وأجازَهُ عليها جَاِئِزَة: [من البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>