الطَّريق على دُبَيْس، فسَيَّرَ إلى مُقَدَّمِ العَسْكَر يَرَنْقُش (a) يَسْتَعْطفُهُ، وشَرَط أنْ يُنْفِذ أخَاهُ مَنْصُورًا على سَبِيْل الرَّهْن ويَدْخُل في الطَّاعَة فأجابَهُ، وعادَ بالعَسْكَر في سَنَة ستّ عَشْرة.
وكان دُبَيْس قد تزوَّج ببنْتِ إيلْغَازِي بمَارِدِين حين كان بها، وحَمَلَها إلى الحِلَّةِ، فسَيَّرَ المُسْتَرْشِد إلى إيلْغَازِي يأمُره بفَسْخِ نكَاح ابْنته من دُبَيْس، وذَكرَ أنَّهُ كان لها زَوْج من السَّلْجُوقِيَّةِ، وقد دَخَل بها، فقبضَ عليه السُّلْطان واعْتَقَلَهُ. وكان الرَّسُول إلى إيلْغَازِي القَاضِي الهِيْتِيّ، فعَرَّفَهُ أنَّ النِّكَاح فَاسِدٌ فأجابَهُ بجَوَابٍ أرْضَاهُ.
وأمَّا دُبَيْس؛ فكاتَبَ المُسْتَرْشِد يَسْتَميله، فَعِلمَ أنَّ ذلك خَدِيعَة، وكان السُّلْطان ببَغْدَاد، فحَثَّهُ المُسْتَرْشدُ على قِتَال دُبَيْس، فسَيَّرَ إليه جَيْشًا، فأحْرَق دَار أبيهِ بالحِلَّة، وخَرَجَ منها إلى النِّيْل فأخَذَ ما فيها من المِيْرَة، ودَخَلَ الأزيْز، فدخَل العَسْكَر الحِلَّة، فرأوهَا خَاليةً، فقَصَدُوه إلى الأزِيْز وحَصَرُوه، فسَيَّر أخاهُ مَنْصُور إلى خِدْمَة السُّلْطان، وخَرَجِ بعَسْكَره ووَقَف بإزاءِ العَسْكَر وتحَالَفَ العَسْكَران، وعاد عَسْكَر بَغْدَاد ومعهم منْصُور.
ثُمَّ إنَّ دُبَيْسَ واقَع آقْ سُنْقُر البُرْسُقِيّ على الفُرَات، فهَزَم البُرْسُقِيّ، وتَبعَهُ إلى بَغْدَاد، وسَألَ المُسْتَرْشِد الأمَانَ وأنْ يكُون على الطَّاعَة بشَرْط القَبْض على الوَزِير أبي عليّ بن صَدَقَة، فقبض عليه.
وسَمِعَ السُّلْطان مَحْمُود بالوَقْعَة معِ البُرْسُقِيّ، فقَبَضَ على مَنْصُور ووَلده وحَبَسَهما ببعض القِلَاع، فجَزَّ دُبَيْسٌ شَعرَهُ ولبسَ السَّوَاد، وآذَى الرَّعِيَّة، ونَهَبَ البِلادَ، وأغارَ على كُلِّ ما كان للمُسْتَرْشِدِ، فأمَرَ المُسْتَرْشِد العَسْكَر بالخُرُوج،