للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّنَة المَذْكُورَة حين مرضَ السُّلْطان مَحْمُود، وسَارَ إلى العِرَاق، وكان مُجَاهِد الدِّين قد أُقْطِعَ الحِلَّة مُضافَةً إلى شِحْنَكِيَّة بَغْدَاد، فلمَّا سَمِعَ بِهْرُوز نَائبه بحَركَةَ دُبَيْسٍ هَرَبَ عن الحِلَّةِ، فدخلَها دُبَيْس في شَهْر رَمَضَان، وقَصَدَ عَسْكَر المُسْتَرْشِد، وسَارَ مَحْمُود إلى العِرَاق وقد عُوفي لأجل قِتَال دُبَيْس، ففَارَق دُبَيْس العِرَاق، وقَصَدَ البَصْرَةَ ومعه جَمْعٌ كَثِيْرٌ فاسْتَوْلَى على البَصْرَة، فأَنْفَذَ السُّلْطانُ مَحْمُود إليه عَسْكَرًا ففَارَق البَصْرَة، وطَلَبَ البَرِّيَّة، ووَصَلَ بعد ذلك إلى الشَّام خَوْفًا من أنْ يُسَلِّمُوه إلى المُسْتَرْشِد، فوَصَلَ إلى أرض سَرْمِيْن هَارِبًا على نَجَائب في نَفَرٍ يَسِيْر، فالْتَجأ إلى الفِرِنْج فأكْرَمُوه، وانْقَلَبَ إلى عَزَاز، واجْتَمَع بجُوسْلِين، وكان صَدِيْقَهُ، فأكْرَمهُ ودفعَهُ عند هَرَبهِ إلى قَلْعَة ابن مَالِك.

وسَيَّرَت صَاحِبَةُ قَلْعَة صَلْخَد بعد فَقْد زَوْجها إلى الأَمِير دُبَيْس تَطْلبهُ لتتَزَوَّجَهُ (١)، فسَارَ نحو حِلَّة مِرَى بن رَبِيْعَة، ثُمَّ إنَّها تزوَّجَت أمِيْنَ الدَّولَةِ صَاحِب بُصْرَى، وسار دُبَيْس للأمْر الّذي طلبَتْهُ، فوَجَدَ الأمر بخلاف ذلك، فنَزَلَ بحِلَّة أخي مِرَى، وكان بدِمَشْقَ عند تاج المُلُوك فوَصَلَ إليه رَسُول نَائبهِ بالحِلَّة يُخْبرُه بدُبَيْس، وكانت الحِلَّةُ (a) نازلةً بمَوضِعٍ اسْمُه قُصَم (٢)، فسَألَهُ تاج المُلُوك فأعْلَمَهُ، فقال: تَخرُج (b) إليه السَّاعَة وتَشْغله عن المَسِيْر بحُجَّةِ الضِّيَافَة، فخَرَجَ إليه وشَغَلَهُ بالضِّيَافَة، ووَصَلَ عَسْكَر دِمَشْق فقَبضُوه وكُلّ مَنْ معه، فسَيَّر زَنْكِي وطَلَبه، فسُيِّرَ إليه إلى حَلَب.

وقَرأتُ بخَطِّ الوَزِير جَمال الدِّين عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن (٣)، وأنْبَأنَا به إجَازَةً عنه أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: في سَنَة أرْبَعٍ


(a) كذا في الأصل.
(b) الأصل: نخرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>