وقال (١): وفي جُمَادَى الأُوْلَى -يعني: من سَنَة خَمْس عَشرة- كانت كَسْرَة المُسْلمِيْن ببلاد الكُرْج، وذلك أنَّ دَاوُد مَلِك الكُرْج كان قد ظَهَرَ على المَلِك طُغْرِل من الدُّرُوب، فاسْتَنْجَدَ بنجْم الدِّين ابن أُرْتُق وجُمُوع التُّرْكُمان، وصُحْبَتهُم دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَزْيَد، فانْكَفَت الكُرْج في الدُّرُوب الضَّيِّقة، وتَبِعَهم خَلْقٌ من المُسْلمِيْن، فأخَذَ الكُرْج عليهم الدُّرُوب ورَضَخُوهم بالصَّخْر، فانْكَسَرُوا (٢).
قال العُظَيْميّ (٣): وفي يَوْم الأرْبَعَاء سادس عَشر جُمَادَى الآخرة -يعني: من سَنَة ثَماني عَشْرة وخَمْسِمائَة- عَبَرَ الأَمِير دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَزْيَد من قلْعَة مَنْبِج ونَزَل بِظَاهِر مَنْبِجِ، وكان له عَمَلٌ في حَلَب ومُكَاتَبة، فانْكَشَفتْ على يد فَضَائِل بن صَاعِد بن بَدِيْع، وقَتَلَ بعضَ القَوْم، ونَفَى بعضًا، وكان بها التَمُرْتاشُ حُسَام الدِّين ابن نَجْم الدِّين إيلْغَازِي بن أُرْتُق.
قال (٤): وفي يَوْم الجُمُعَة سَابِع عَشر رَجَب، كان خَلَاصُ البَغْدَوين -يعني: مَلِك الفِرِنْج- من شَيْزَر، وكان اسْتَقرَّ عليه ثَمانُون ألف دِيْنار وقَلْعَة عَزَاز، وحَلَفَ على ذلك، ورَهَنَ جَمَاعَةً من الفِرِنْج؛ اثْنى عَشر نَفْسًا أَحَدهم (a) ابن الجُوسْلِين، وعَجَّل من المالِ عشرين ألفَ دِيْنار، فما هو إلَّا أنْ خَرَجَ حتَّى غَدَرَ ونَكَثَ، ونفَّذَ يَعْتَذرُ إلى الأَمِير حُسَام الدِّين ابن نَجْم الدِّين بأنَّ البَطريرك لَم يُوَافقْهُ على تَسْليم عَزَاز، وأنَّ خَطِيْئَة اليَمِيْن تَلْزَمُه، وترَدَّدت الرُّسُل بينَهُم إلى يَوْم الأَحَد ثَامن عَشر شَعْبان، وعَادت بنقْض الهُدْنَة.