للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخَرَجَ المَلِكُ إلى أرْتَاح وعَزْمُهُ على حَلَب، فخَرَجَ التَمُرْتاش منِ حَلَب بتاريخ الخَامِس والعشْرِين من رَجب نحو مَارِدِين، ووَعَدَ بجَمْع العَسَاكِر، ورَحَل بَغْدَوين من أَرْتاح إلى نَهْر قُوَيْق، وأفْسَد كُلّ ما عليه، وضَايَق حَلَب؛ فاجْتَمَع على باب حَلَب ثلاثة ألْوِيَة: لِوَاءُ المَلِك إبْراهيم بن رِضْوَان، ولِوَاءُ الأَمِير دُبَيْس بن صَدَقَة، ولِوَاءُ المَلِك بَغْدَوين.

وكان الجُوسْلِين ودُبَيْس قد بَرَزا من تَلّ بَاشِر، وقَصَدَا ناحية الوَادِي، وأفْسَدَا كُلّ ما فيه ما قِيْمَتُه مائة ألف دِيْنار، ثمّ نَزَلا على باب حَلَب، وكان نُزُولهم على حَلَب على مضيّ سَاعةٍ وكسر من نَهَار يَوْم الاثْنَين سَادس عشرين شَعْبان، والطَّالعِ من العَقْرَب عَشر درج، والمرِّيْخ في الطَّالع في دَرجةٍ واحدةٍ، وقَبْل نُزُولهم بسَاعتَيْن عند اتِّسَاعِ الفَجْر انْفَتَح من السَّماء من نحو المَشْرِق بابٌ من نُور، ودَامَ حتَّى هَالَ النَّاس، ولمَّا كان في اليَوْم الثَّاني في ذلك الوَقْت، عاد انْفَتَح ذلك البَاب، ولكن كان أضْيَق من الأوَّل، وخَرَجَ منه شيءٌ كاللِّسَانِ، يَنْعَطف ويتطوَّق.

ونَزَل الفِرِنْج غَرْبيّ البَلَد وغَرْبي قُوَيْق، ومعهم عليّ بن سَالِم بن مَالِك، وصَاحِب بَالِس أخو بَدْر الدَّوْلَة، فقَطَعُوا الشَّجَر، وأخْرَبُوا المَشَاهِد الظَّاهِرَة، وكان عدد الخِيَم ثَلاثمائة خَيْمَة؛ مائة للمُسْلِمين، ونَبَشَ الفِرِنْج القُبُور وأخْرَجُوا (a) المَوْتى بأكْفَانهم، وعَمَدُوا إلى مَنْ كان طَرِيًّا فشَدُّوا الحِبَال في أرْجُلهم وسَحَبُوهم مُقَابل المُسْلمِيْن.

أخْبَرَني القَاضِي عِزّ الدِّين أبو عليّ حَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ، قال: حَدَّثَني وَالدِي، قال: أخْبَرَني الشَّيْخُ أبو سَعْد بن النُّعْمانيّ، قال: كان المُسْتَرْشِدُ قد


(a) الأصل: وأخربوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>