للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضَحِكَ المَأْمُون وقال: قد غَفَرنا لدِعْبِل ما كان هَجَانا به بهذا البَيْت:

إنْ كان إبْراهيم مُضْطَلعًا بها … فلتَصْلُحَنْ من بعْدِه لمُخَارِقِ

قال: فكَتَبَ إلى أبي طَاهِرٍ أنْ يطلُبَ له دِعْبِلًا حيثُ كان، يُعْطيَهُ الأمَان، قال: فكَتَبَ أبي إليه وكان وَاثقًا بناحيَته، فأقْرأه كتاب أَمِير المُؤْمنِيْن، وحَمَلَهُ وخَلَع عليه، وأجازَهُ بالكَثِيْر، وأشَارَ عليه بالمَصِير إِلى المَأْمُون، قال: فتجمَّل دِعْبِل إلى المَأْمُون، قال: وثبتَ في الخِلَافَة المَأْمُون وضَربَ الدَّنَانِيْر باسْمه، وأقْبَل يَجْمعِ الآثارَفي فَضَائِل آل رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: فتَنَاهَى إليه فيما تَنَاهَي من فَضَائِلهم قَوْل دِعْبِل (١): [من الطويل]

مَدَارِسُ آياتٍ خَلَتْ من تلاوةٍ … ومَنْزل وَحْيٍ مُقْفِرُ العَرَصَاتِ

لآلِ رسُول اللهِ بالخَيْفِ من مِنىً … وبالرُّكْن والتَّعْرِيْفِ والجَمَرَاتِ

قال: فما زالتْ تردَّدُ في صَدْرِ المَأْمُون حتَّى قَدِمَ عليه دِعْبِل، فقال: أنْشِدْني ولا بأس عليكَ، ولكَ الأمَان من كلِّ شيءٍ فيها؛ فإنِّي أعْرِفها وقد رويْتُها إلَّا أنِّي أُحبُّ أنْ أسْمَعَها من فيْكَ، قال: فأنْشَدَهُ حتَّى إذا صَارَ إلى هذا المَوضِع (٢): [من الطويل]

أَلَم تَرَ أنِّي مُذْ ثَلاثُونَ (a) حِجَّةً … أرُوْحِ وأغْدُو دَائِمَ الحَسَرَاتِ

أرَى فَيْئَهُم فىِ غيرهم مُتَقَسِّمًا … وأيديَهُم من فَيْئهم صَفِرَاتِ

وآل رسُول اللهِ نحْفٌ جُسُومُها … وآل زِيَادٍ غُلَّظُ القصَرَاتِ

بناتُ زِيَادٍ في الخُدُور (b) مَصُوْنَة … وبنت (c) رسُولِ اللهِ في الفَلَوَاتِ


(a) الديوان: من ثلاثين.
(b) الديوان: القصور.
(c) الديوان: وآل، التذكرة الحمدونية: وبيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>