للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقَرَأتُ في سِيْرَة الإخْشِيْذ، تأليفُ أبي مُحَمَّد بن زُوْلَاق (١)، قال: وحَدَّثَني أحْمَدُ بن عُبَيْد الله، عن أَبِيهِ، قال: قال طُغْج: كُنْتُ بدِمَشْق أخلُفُ أبا الجَيْشِ، فجاءَني كتابُه يأمُرُني بالمَسِيْر إلى طَرَسُوس، وأقْبض على رَاغب وأقْتُله، فسرْتُ إلى طَرَسُوس، وكان شِتَاءً عَظيْمًا، فما أمْكَن أحدٌ أنْ يَتَلقَّاني، فلَقِيَنِي رَاغِبٌ وحْدَهُ في غِلْمَانه، وكان له مائتا غُلَام قد أَشْجَوا العَدُوّ، فأنْزَلَني وخَدَمني وقَضَى حَقِّي فأمْسَكْتُ (a) عنه، وحَضَرْتُ معه غَزَاةً أشْجَى فيها العَدُوّ، فقال لي جَمَاعَة [من أهْلِ] طَرَسُوس: بالله إلَّا صُنْتَ هذا الرَّجُل (c) وأحْسَنْتَ إليهِ، ففَعَلْتُ [وآثرتُ] (d) رضَى الله عزَّ وجلَّ، فانْصَرَفْتُ إلى دِمَشْق، وكَتَبْتُ إلى أبي الجَيْشِ أعْتَذرُ، [وأذْكُر] (e) أشْيَاء مَنَعَتْني من القَبْضِ على رَاغِب.

قال طُغج: فما شَعَرْتُ وأنا بدِمَشْقَ حتَّى وَافَى أبو الجَيْشِ، فلَقِيتُه وخَدَمتُه، وجَلَسْتُ معه لَيْلَةً [للشُّرْب] (f)، فلمَّا تَمَكَّن منه الشَّرَاب قال لي: يا طُغْج، شَعَرت (g) بأنَّهُ ما جاءَ بي إلى دِمَشْقَ سِوَاك؟ فاضْطَربْتُ، فلمَّا رَآني قد تغيَّرتُ أَقْلَب (h) الحَدِيْث، وانْصَرَفتُ وأنا خائفٌ منهُ، وعلمْتُ أنَّهُ يَقْتُلني كما قَتَل صَافِيًا (i) غُلَامَ أبيهِ بدمَشْقَ؛ لأنَّهُ سَارَ إليهِ من مِصْر وقَتَلَهُ، فقُتِلَ أبو الجَيْش تلك اللَّيْلة، وكَفَاني الله أمْرَهُ لأنِّي عَملتُ مع رَاغِب لله (j) فكُفِيْت.

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسِيّ في كتَاب


(a) طمس بعضها، والمثبت من كتاب ابن سعيد المغربي.
(b) طمست الرطوبة ما بين الحاصرتين، والمثبت من ابن سعيد.
(c) زيد في المغرب لابن سعيد: عن القتل.
(d) مطموسة في الأصل، والمثبت من ابن سعيد.
(e) مطموسة في الأصل والمثبت من ابن سعيد.
(f) غير مقروءة في الأصل، والمثبت من ابن سعيد.
(g) المغرب لابن سعيد: أشعرت.
(h) المغرب لابن سعيد: قلب.
(i) الأصل: صافي.
(j) المغرب لابن سعيد: له.

<<  <  ج: ص:  >  >>