للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال له: هذا الصَّبيِّ الّذي قُلْتُ لك في مَعْناه، واكْتَرَى لي معه بأربعة دَنَانِيْر مُكَفًّا (a) والخُبْزُ والماءُ عليهِ.

أخْبَرَني عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: قال لي الشَّيْخ رَبِيْع: حَجَجْتُ في بعض السّنِيْن ورجَعتُ إلى البِلادِ، فلمَّا كُنْتُ في بعضِ الطَّريق، نَفَدَ ما كان معي، ولَم يَبْقَ إلَّا النَّاقَة فقُلْتُ لبعض الجَمَّالين: احْملني إلى الكُوفَة وخُذْ النَّاقَة، ففَعَل، فلمَّا وصَلْتُ إلى الكُوفَة قُلتُ لصَاحِبٍ لي: أيْشٍ قعُودُنا؟ نَمْضي إلى بَغْدَاد؛ فَمَضَيْتُ أنا وصَاحِبي إلى بَغْدَاد، وما أقَمْنا بها، ومَضَينا منها على البَوَازِيْج، ووَصَلْنا إلى المَوْصِل، وما وَصَلَ خَبَرُ الحَاجّ إلى المَوْصِل، فوَجَدْنا قَضِيْب البَان على باب المَوْصِل، فقُلْنا له: ادْعُ لنا، فقال: أنتم دُعاؤكم مُسْتَجاب إلى أرْبَعيْن يَوْمًا، وكُنَّا إذا قُلْنا إنَّنا جِئْنا من الحَجّ لَم نُصَدِّق.

قال لي عَمِّي: قال لي الشَّيْخُ رَبِيْع: كُنْتُ مرَّةً مَع الحَاجِّ من المَوْصِل إلى بَغْدَاد، فنَزَلْتُ وتَمَشَّيْتُ أمام القَافِلَة، فرأيْتُ رَجُلًا، فَمشَيْتُ معه قَليلًا، فقال لي: امْشٍ معي، فَمَشيتُ معه سَاعةً، فقال لي: تَدْري أينَ أنْتَ؟ قُلتُ: نَعَم، فودَّعَني ومَضى، فبَقِيْتُ قي ذلكَ المَوضِع تلك اللَّيْلة وذلك اليَوْم إلى العِشَاءَ الآخرة من الغَدِ حتَّى وَصَلَتْ إليَّ قَافِلَة الحَاجّ.

أخْبرَني أبو مُوسَى عِيسَى بن سَلامَة صاحِب الشَّيْخ رَبِيْع، قال: كُنْتُ مُجَاوِرًا بمَكَّة في سَنَة إحْدَى وستِّمّائة في صُحْبَة الشَّيْخ رَبِيْع، فقال لي: أُرِيْدُ أنْ أنْفَرد في هذه الأشْهُر -يعني: شَهْر رَجَب، وشَعْبان، وشَهر رمَضَان- بنَفْسِي ولا يَقْربني أحدٌ، ففَعَلَ ذلك.

فلمَّا كان يَوْم العِيْد، جئتُ إلى بابهِ، فأرَدْتُ الدُّخُول إليهِ للسَّلَام عليه، فضَرَبْتُ البابَ، فَخَرَجَ إليَّ، وسَلَّم عليَّ وسَلَّمْتُ عليه، وجاءَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عليه،


(a) كذا في الأصل مجودًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>