للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ النَّجَّار: أَنْبأنَا أحمد بن طَارق، ونَقَلتُه من خَطِّه، قال: سَمِعْتُ أبا الكَرَم المُبَارك بن الحَسَن بن أحمد بن عليّ بن فَتْحَان العِجْلِيّ يقُول: سَمِعْتُ أبا مُحمَّد رِزْق الله بن عبد الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز التَّمِيْميّ يقول: سَافَرتُ من بَغْدَاد ودَخَلتُ سَمَرْقَنْد، وكان السُّلْطان أبو الفَتْح مَلِك شَاه يومئذٍ بها، وأتيْتُ برِسَالةِ الإمَام المُقْتَدِي بأمْرِ الله أمير المُؤْمِنين إلى السُّلْطان مَلك شَاه إلّا أنَّني رَأيْتُ أهْل البَلَد هُوذا (١) يَرْوونَ النَّاسِخ والمَنْسُوخ لهِبَةِ اللهِ المُفَسِّر عن خَمْسة (a) رِجَالٍ إليه، فقُلتُ لهم: الكِتَابُ معي، وهذا المُصَنِّفُ جَدِّي لأُمِّي ومنه سَمِعْتُه، ولكن ما أُسْمِع (b) كُلّ واحدٍ منكم إلّا بمائة دِيْنارٍ! فما كان الظُّهْر حتَّى جَاءني كيْسٌ فيه خَمْسمائة دِيْنَار والجَمَاعَة، فسَمِعُوهُ عليَّ، وسَلَّمُوا إليَّ الذَّهَب.

قال: فلمَّا عُدْنا من سَمَرْقَنْد، دَخَلْنا أصْبَهان، وأمْلَيْتُ فيها الحَدِيث في يَوْم الجُمُعة، فقَامُوا إلى الجَمَاعَة، ومَدَحُوني على ما ذَكَرْتُ، وقالُوا: ما سَمِعْنا أحْسَن من هذا، فقُلْتُ لهم: أنْشَدَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر بن حفص الحَمَّامِيّ المُقْرئ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر مُحمَّد بن الحَسَن المُقْرئ، قال: أنْشَدَنا أبو العَبَّاس أحمد بن يَحْيَى ثَعْلَبُ: [من الطويل]

وما تَنْفَعُ الآدَاب والعِلْم والنُّهَى … وصَاحِبُها عند الكَمَال يَمُوتُ

كما مَاتَ لُقْمان الحَكِيْم وغيره … وكُلّهُم تَحْت التُّرَاب صُمُوتُ

فقالوا: ما أحْسَن هذا! لسَاننا أعْجَميٌّ وما نَقْدر نُعَبِّر الدُّعاء كما يَجِب، فقُلْتُ لهم: أنْشَدَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحمد الحَمَّامِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر مُحمَّد بن الحَسَن


(a) الأصل: خمس.
(b) الأصل: أسمعكم، والتصويب عن الذهبي (في التاريخ والسير) وابن رجب في ذيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>