للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَتَلُوا خَلْقًا من النَّاسِ، وأسَروا خَلْقًا، وكانت الكَسْرَة يَوْم الجُمُعَة خامِس شَعْبان.

وقال (١): سَنَة ثَمانٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، فيها كَسَر الفِرِنْج المَلِك رِضْوَان على عَيْن تسيلُوا (٢) من أرض أرْتاح؛ وكان سَبَب ذلك حِصْن أرْتاح؛ خَرَجُوا إليه ليأخُذُوه، وجَمَعَ المَلِك رضْوان الخَلْق العَظِيم، وخَرَجَ لنَجْدَة الحِصْن، ومعه من الرَّجَّالَة الخَلْق العَظِيْم، وكان المَصَافُّ يَوْم الخَمِيْس، فانْهَزَمَت الخَيْل وأسْلَموا الرَّجَّالَة، فقُتِلَ منهم الخَلْق العَظيْم، وفُقِدَ من الحَلَبِيِّيْن جَمَاعَة كَثِيْرة غُزَاة، رَحِمَهُم اللهُ، وانْهَزَم أكْثَر مَنْ بهِ.

قُلتُ (٣): بَلَغَني أنَّهُ قُتِلَ من المُسْلمِيْن مِقْدَار ثلاثة آلاف ما بين فَارِس ورَاجِل، وهَرَبَ مَنْ بأرْتاحِ من المُسْلمِيْن، وقَصَدَ الفِرِنْج بَلَد حَلَب، فأجْفَل أهْلُهُ، ونُهِبَ مَنْ نُهِبَ، وسُبِيَ مَنْ سُبي، واضْطَرَبت أحْوَال بَلَد حَلَب من جَبَل لَيْلُون إلى شَيْزَر، وتَبَدَّل الخَوْف بعد الأمْن والسُّكُون، وهَرَب أهْل الجَزْر ولَيْلُون إلى حَلَب، فأدْرَكَتهم خَيْل الفِرِنْج، فسَبَوا أكْثَرهُم وقَتَلُوا جَمَاعَة، وكانت هذه النَّكْبَة على أعْمَال حَلَب أعْظَم من النَّكْبَة الأُوْلَى على كلَّا.

ونَزَل طَنْكرِيد الفِرِنْجيّ على تَلّ أعْذَى (٤) من عَمل لَيْلُون وأخَذَهُ، وأخَذَ بَقِيَّة الحُصُون الّتي في عَمَل حَلَب.

ولَم يَبْقَ في يَد المَلِك رِضْوَان من الأعْمَال القِبْليَّة إلَّا حَمَاة، وليس في يَده من الأعْمَال الغَرْبيَّة شيء، وبَقِي في يَدهِ الأعْمَال الشَّرْقيَّة والشَّماليَّة وهي غير آمنَة.


(١) انظر بعضه في تاريخ حلب ٣٦٢، وفيه أن قتلى المسلمين بلغ ١٠ آلاف.
(٢) لم أهتد للتعريف بعين تسيلوا، ولم يرد لها ذكر في الزبدة ولا عند العظيمي في تاريخه المختصر.
(٣) قارن بما بسطه المؤلف في زبدة الحلب ١: ٣٦٢ - ٣٧٢.
(٤) لم أهتد للتعريف بتل أعذى.

<<  <  ج: ص:  >  >>