للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصارَ في جُمْلَة مَمْدُود، وثَبَتَ له مَمْدُود، ووَفَى له، وحَمَلَ لهم أتَابِك هَدَايًا وتُحَفًا، وعَرَضَ عليهم المَسِيْر إلى طَرابُلُس، والمَعُونَة لهم بالأمْوَال، فلَم يُعَرِّجُوا، وسارَ أحْمَدِيْل وبُرْسُق بن بُرْسُق، وعَسْكَر سُكْمَان إلى الفُرَات، وبقي موْدُود مع أتَابِك، فرَحَلا من المَعَرَّة إلى العَاصِي، فنَزَلَا على الجَلَالي (a)، ونَزَل الفِرِنْج أفَامِيَة: بَغْدَوين، وطَنْكرِيد، وابن صَنْجِيْل، وسَارُوا لقَصْد المُسْلمِيْن، فَخَرَجَ أبو العَسَاكِر سُلْطان بن مُنْقِذ من شَيْزَر بأهْلهِ وعَسْكَره، واجْتَمَعوا بمَوْدُود وأتَابِك، وسَارُوا إلى الفِرِنْج، ودَارَتْ خُيُول المُسْلمِيْن حَوْلهم ومَنَعُوهُم الماءَ، والأتْرَاكُ حَوْل الشَّرَائع بالقِسِيّ تَمْنعهُم الوِرْدَ، فأصْبَحُوا هَارِبين سَائرين يَحْمي بَعْضُهم بَعْضًا.

ونَزَل طَنْكرِيد على قَلْعَة عَزَاز، وبَذَل له رِضْوَان مُقاطَعة عن حَلَب (b) عشرين ألف دِيْنار وخَيْلًا وغير ذلك، فامْتَنِعَ طَنْكِريد من ذلك، ورَأى رِضْوَانُ أنْ يَسْتَميل طُغْتِكِين أتَابِك إليهِ، فاسْتدعاهُ إلى حَلَب، فوَصَلَ إليها، وتَعَاهَدا على مُساعَدة كُلّ منهما لصَاحِبهِ بالمالِ والرِّجَال، واسْتَقَرَّ الأمرُ على أنْ أقام طُغْتِكِين الدَّعْوَة والسِّكَّة لرِضْوَان بدِمَشْق، فلم يَظْهَر من رِضْوَان الوَفَاء بما تَعَاهَدا عليه.

ووَصَلَ مَوْدُود إلى الشَّام، واتَّفق مع طُغْتِكِين على الجِهادِ، وطَلَبَ نَجْدَة من المَلِك رِضْوَان، فتأخَّرَت إلى أنْ اتَّفق للمُسْلِمين وقْعَة اسْتَظْهرُوا فيها على الفِرِنْج، ووَصَلَ عَقِيْبَها نَجْدَة للمُسْلِمين من رِضْوَان دُون المائة فَارِس، وخَالَف فيما كان قرَّره ووَعَدَ به، فأنْكَر أتَابِك ذلك، وتقدَّم بإبْطَالِ الدَّعْوَة والسِّكَّة باسْم رِضْوَان من دِمَشْق في أَوَّلِ شَهْر رَبيع الأوَّل من سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِمائَة.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم


(a) الأصل: الحلالي، والمثبت من زبدة الحلب ١: ٣٧٠.
(b) زبدة الحلب ١: ٣٧٢: مقاطعة حلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>