العَزِيْز بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد المُفِيد، قال: حَدَّثَنَا أبو بشْر الدُّولَابِيّ، قال: أخْبَرَني جَعْفر بن عليّ الهاشِميّ، قال: خَرَجَ أَحْمَد الإمَام المُسْتَعِينُ باللّه أَمِيرُ المُؤْمنِيْن من سُرَّ مَنْ رَأى لَوْم الأحَد لَخْمسٍ خَلَوْنَ من المحرَّم سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائتَيْن إلى بَغْدَاد، فوَثَبَ أهْلُ سُرَّ مَنْ رَأى فبايعُوا لأبي عَبْدِ اللّه المُعْتز باللّه.
قال أبو بِشْر: وأخْبرَني أبو مُوسَى العبَّاسيّ، قال: لمَّا أُنْزِل المُعْتز باللّه من لؤلُؤة، وبُوْيِعَ لهُ، رَكب إلى أُمِّه وهي في القَصْر المَعْرُوف بالهَارُونيّ، فلمَّا دَخَلَ عليها وسَألتْهُ عن خَبَره، قال لها: قد كنتُ كالمَرِيْضِ المُدْنَف، وأنا الآن كالّذي وَقَع في النَّزْع؛ يعني: أنَّهُ بُوْيعَ له بسُرَّ مَنْ رَأى والمُسْتَعِين خَلِيفَة مُجْتَمَعٌ عليه في الشَّرْق والغَرْب.
وقال أبو بِشْر: أخْبَرَنى عليّ بن الحَسَن بن عليّ، قال: لمَّا سَألَ الأتْرَاكُ المُسْتَعِين باللّه الرُّجُوعَ إلى سُرَّ مَنْ رَأى، فأبَى عليهم، قَدِمُوا سُرَّ مَنْ رَأى يَوْم الأرْبَعَاء لثَلاث عَشرة ليلَة خَلَتْ من المحرَّم، فاجْتَمَع المَوَالِي وكَسَرُوا بابَ لؤلُؤَة، وأنزلُوا المُعْتزَّ باللّه فبايَعُوه، وخَلَعُوا المُسْتَعِين، فرَكِبَ المُعْتزُّ باللّهِ إلى دار العامَّةِ يَوْم الخَمِيْس في المحرَّم سَنَة إحْدَى وخَمْسين ومَائتَيْن، فبَايَعه النَّاسُ، وعَقَدَ لنفسِه لِوَاءً أسْوَدَ، وخَلَع على إبْراهيم المُؤيَّد باللَّه، وعلى أحْمَد المُعْتَمد على اللّه، وعلى أبي أحمد المُوَفَّق، وأنْهَضَهُ إلى بَغْدَاد مُطَالِبًا ببَيْعَته الّتي أكَّدها له المُتَوَكِّل على اللّه في أعْنَاقهم، ومعه جَمَاعَةٌ من الفُقَهَاء، فشَخَصَ أبو أحْمَد يَوْم السَّبْت لسَبع بقِينَ من المحرَّم.
وحَصَّنَ مُحَمَّدُ بن عَبْد اللّه بن طَاهِر بَغْدَادَ، ورَمَّ سُورَها، وأصلَح أبْوَابها، وعَسْكَر أبو أحْمَد بالشَّمَّاسِيَّة، ووَقَع الحَرْبُ يَوْم السَّبْت للنِّصْفِ من صَفر واتَّصَلت الوَقَائِع.