قال أبو بَكْر الصُّوْلِيّ: حَدَّثَنَا الحُسَين بن عليّ أبو عليّ الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَني ابن أبي فَنَن، قال: لمَّا بنى المُتَوَكِّل للمُعْتَزِّ دَارَهُ ببَرْكُوَارَا وطهَّرَهُ فيها، دَخَلَ الشُّعَراء فأطالُوا وذَهَبُوا كُلّ مَذْهَب، وعَرفتُ طَبْع المُتَوَكِّل فدَخَلْتُ وأنشَدْتُ:[من السرج]
قُل لأمينِ الله في خَلْقِهِ … عشتَ سَلِيمًا عاليَ الجَدِّ
حَوْلك من أبناءِ أبنائِهِ … تسعُون من شِيْبٍ ومن مُرْدِ
كُلُّهمُ قد نال ما نالَهُ … آباؤُه الزّهْرُ من المَجْدِ
قال: فما بلَغَ أحدٌ ممَّن أطال ما بَلَغْتُ.
قال الصُّوْلِيُّ: ودَعْوَةُ المُتَوَكِّل هذه ببَرْكُوَارَا (a) لمَّا أعْذَر المُعْتَزّ دَعْوَة مَشْهُورة، يُقالُ إنَّها دَعْوَة الإسْلَام لَم يكُن قَبْلها ولا بعدها مثلها إلَّا ما يُحْكى في وَقْتِ بناءِ المَأمُون ببُوْرَان بنت الحَسَن بن سَهْلٍ. حدَّثني بها جَمَاعَةٌ قد شَاهدُوها وجَمَاعَةٌ من أوْلادِ الخُلَفَاءِ، والجُلَساءِ عن آبائهم: أنَّ المُتَوَكِّل جَلَسَ ومُدَّت بينَ يَدَيْهِ مَرَافع ذَهَب مُرَصَّعَة بالجَوْهَر، وعليها من العَنْبَر والنَّدّ والمِسْك المَعْجُون أمثلَةُ على جَمِيع الصُّوَر، ومنها ما قد رُصِّع بالجَوْهَر مُفْرَدًا، ومنها ما عليه ذَهَبٌ وجَوْهَر، وجُعِل بسَاطًا مَمْدُودًا.
فأحْضَر الجُلَساءَ وسَائر النَّاسِ، فوُضِعَت بين أيْدِيهم صَوَاني الذَّهَب مُرَصَّعةً بأنْوَاعِ الجَوْهَرِ، وجَعَل بين صَوَانيهم من الجانبين وبين طَرفَي هذا المُعَبَّئ فرجَة،