للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان زَنْكِي مَلِكًا عَظيْمًا، شُجَاعًا، جَبَّارًا، كَثِيْر العَظَمة والتَّجبُّر، وهو مع ذلك يُرَاعي أحْوَال الشَّرْع ويَنْقاد إليهِ، ويُكْرم أهْل العِلْم، وبَلَغَني أنَّهُ كان إذا قيل له: أمَا تَخَاف الله، خافَ من ذلك، ويتَصَاغَرُ في نَفْسه، فأظْهَر اللهُ تعالَى سرَّه المَحْمُود في وَلدِه مَحْمُود.

أنَبْأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن الأُسْتَاذ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ، ونَقَلْتُه من خَطِّ العُظَيْميّ (١)، قال في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وعِشْرين وخَمْسِمائَة، قال بعد ذِكْر حِصَار الحَلَبِيِّيْنَ وبَدْر الدَّوْلَة ابن أُرْتُق وإبْراهيم ابن المَلِك رِضْوَان خُتْلُغ آبَه (٢) غُلَام السُّلْطان مَحْمُود: وطال الأمرُ على خُتْلُغ آبَه، وحَفَرُوا خَنْدَقًا حَوْل القَلْعَة، فكُلّما خَرَجَ منها رَجُل أو دَخَل إليها أُخِذَ إلى نصْف ذِي الحِجَّة، [و] وَصَلَ الأَمِير سُنْقُر دَراز (a)، والأَمِير حَسَن قَرَاقُش، وجَمَاعَة أُمَرَاء في عَسْكَرٍ قَوِيّ إلى باب حَلَب، واتَّفَق الأمرُ على أنْ يَسِيْر بَدْر الدَّوْلَة وخُتْلُغ آبَه إلى باب المَوْصِل إلى عِمَاد الدِّين قَسِيم الدَّوْلَة ابن قَسِيم الدَّوْلَة زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر، إلى المَوْصِل، فلِمَنْ وَلَّى عَادَ إلى مَنْصِبهِ.

وأقَامَ بحَلَب الأَمِير حَسَن قَرَاقُش والرَّئِيس ابن بَدِيْع، فأصْلَح عِمَاد الدِّين بينهما، ولَم يُوقِّع لأحدٍ منهما، وطَمِع بمُلْك البَلَدِ، وسَيَّر سَريَّةً إلى حَلَب مع الأَمِير الحَاجِب صَلاح الدِّين العِمَادِيّ، فوَصَل إلى حَلَب، وأطْلعَ إلى القَلْعَة وَاليًا


(a) في مفرج الكروب لابن واصل ١: ٣٩: "وطال الأمر على خطلبا إلى نصف ذي الحجة فوصل الأمير سنقر … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>