للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَضِر بن تَيْمِيَّة، وذَكَرَ لي أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ شَيْخه المؤلِّف أبي المحاسِن، قال: وفي سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة نَزَل - يعني أَتَابِك زَنْكِي - على الرُّهَا وفيها الإفْرنج، فَحَصَرها وأخَذَها بالسَّيْفِ في يَوْم السَّبْت سادِس عَشر جُمَادَى الآخر، وكانت أيَّام الشِّتَاءِ والبرد، قال الشَّاعر: [من الوافر]

إذا كانَتْ جُمَادَى في جُمَادَى … فذَاكَ القُرُّ والبَرْدُ الشَّدِيدُ

ولمَّا فَتَحَها أوْصَى بأهْلها خَيْرًا، ولَم يَسْبِ أهْلها، ونَوَى عِمَارتها، ووجَدُوا على عِضَادةِ المحْرَاب مَكْتُوبًا (١): [من السرج]

أَصْبَحْتُ صِفْرًا من بني الأصْفَرِ … أخْتَال بالأعْلَام والمِنْبَرِ

دَان من المَعْرُوف حَالٍ بهِ … نَاءٍ عن الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ

مُطَهَّر الرّحْبِ على أنَّني … لولا جَمَالُ الدِّين لم أَطْهُرِ

فبَلغَ ذلك رَئيس حَرّان جَمال الدِّين فَضْلَ الله أبا المَعَالِي، فقال: امْحوا جَمال الدِّين واكْتُبُوا عِمَاد الدِّين، فبَلغَ ذلك أتَابك عِمَاد الدِّين، فقال: صَدَقَ الشَّاعِر، لولاك ما طَمعْنا فيها، وأمر عُمَّالَهُ إذا جاءت جَائِحَةٌ في الغَلَّةِ أنْ يأخذُوا الخَرَاج على قَدْرها، فكانُوا يأخذُون خَرَاجًا، وتارةً نصْف خَرَاج، وتارةً ثُلْث خرَاج، وتارةً رُبْعَ خَراج، وتارة لا يأخذُونَ شَيئًا إذا أمْحَلَت البِلادُ، وقسّمَ الماءَ الّذي لحَرَّان ثلاثة أقْسَامٍ: قسْمًا للسُّلْطَان، وقِسْمًا للشّنايات (a) وقسْمًا لآبَار حَرَّان ولخَنْدَق القَلْعَة.

فلمَّا أخَذَ الرُّهَا، نَزَلَ على البِيْرَة وفيها الإفْرنج، وذلك في سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين


(a) كذا في الأصل، ولم أقف على مراده، ولعل الصواب: السواني، جمع سانية، وهى كل ما يُسقى عليه الزرع والحيوان من بعير وغيره. لسان العرب، مادة: سنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>