للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسْتَرْجَع عدَّةً من حُصُون الفِرِنْج وبلادِهم، مثل: المَعَرَّة، وكَفَرْ طَاب، وتَلِّ بَارِين، وفَتَحَ مَدِينَة الرُّهَا، وكان له أثرٌ حَسَنٌ في مُقَاومة مُتَمَلِّك الرُّوم لمَّا حَصَر شَيْزَر، وأسَر عدَّةً من أبْطَالِ العَدُوّ، وكان شَهْمًا صَارِمًا، قُتِلَ وهو مُحَاصِرٌ لقَلْعَة ابن مَالِك في سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وخَمْسِمائَة [ودُفِنَ] (a) بالرَّقَّة، رَحِمَهُ اللَّهُ.

قَرَأتُ في تاريْخ أبي شُجاع مُحَمَّد بن عليّ بن الدَّهَّان الفَرَضِيّ (١)، في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، قال: وفي هذه السَّنَة قُتِلَ عِمَاد الدِّين زَنْكِي لَيْلَة الأَحَد سَادِس شَهْر رَبيع الآخر على قَلْعَة جَعْبَر، قَتَلَهُ خَادِمٌ له اسْمُه يَرَنْقُش، وانْهَزَم إلى قَلْعَة جَعْبَر.

قُلتُ: وفي تَعْليقي من الفَوَائِد أنَّ أتَابِك زَنْكل سارَ من الرُّهَا، ونَزَلَ على قلَعَة جَعْبَر بالمَرْج الشَّرْقيّ تحت القَلْعَة يَوْم الثّلاثَاء ثالث ذِي الحِجَّة من سَنَة أرْبَعيْن وخَمْسِمائَة، فأقامَ عليها إلى لَيْلَة الأَحَد سَادِس شَهْر رَبيع الآخر نصْف اللَّيْل من سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، فقَتَلَهُ يَرْنْقُش الخَادِم؛ كان تهَدَّدَهُ في النَّهَارِ، فخافَ منه، فقَتَلَهُ في اللَّيْلِ في فِرَاشهِ. وقيل: إنَّهُ شَرِبَ ونامَ فانْتَبَه فوَجَدَ يَرَنْقُش الخَادِمَ وجَمَاعَة من غِلْمَانه يَشْربُون فَضْل شَرَابه، فتوعَّدَهُم ونام، فأجْمَعُوا على قَتْله، فقَتَلَهُ يَرَنْقُش المَذْكُور.

سَمِعْتُ وَالدِيّ، رَحِمَهُ اللّهُ، يَقُول: إنَّ حَارِس أتَابِك كان يَحْرسُه في اللَّيْلة الّتي قُتِلَ فيها بهذين البَيْتَيْن (٢): [من البسيط]

يا رَاقِدَ اللَّيْل مَسْرُورًا بأوَّلهِ … إنَّ الحَوَادِثَ قد يَطْرُقْنَ أسْحَارا

لا تأَمَننَّ بلَيْلٍ طابَ أوَّلُهُ … فرُبَّ آخر لَيْلٍ أجَّجَ النَّارَا


(a) إضافة لازمة من ابن عساكر، فإن قتله في قَلْعَة جَعْبَر، ونُقل شلوه إلى الرقة ودفن فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>