قَرَأتُ في التَّاريْخ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام، الّذي ذَيَّلَ به رَفِيْقنا الحافِظ أبو عَبْد الله تاريخ بَغْدَاد للخَطِيْب (١)، وأجَازَ لنا رِوَايتَهُ عنهُ، قال: زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن بن سَعيد بن عِصْمَة بن حِمْيَر بن الحَارِث ذي رُعَيْن الأصْغَر، أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، من سَاكِني دَار الخِلَافَة، أسْلَمهُ والدُه في صِغَره إلى الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ المُقْرِئ سِبْط الشَّيْخ أبي مَنْصُور الخَيَّاط، فَلقَّنَهُ القُرْآن، وجوَّد عليهِ قراءتَهُ، ثمّ حَفَّظه القِرَاءَات؛ فقَرأ عليهِ بالرِّوَايَات العَشر وعُمره عَشْر سِنين، ثُمَّ إنَّهُ أقْرأهُ أيضًا على مَشَايخ أقْدَم إسْنَادًا منه كأبي القَاسِمِ هِبَة الله بن أَحْمَد الحَرِيرِيّ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْد الله بن المُهْتَدي، وأبي منْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن خَيْرُون، وأبيِ بَكْر مُحَمَّد بن الخَضِر خَطِيْب المُحَوَّل، ثمّ إنَّهُ أشْغَلَهُ بالنَّحو واللُّغَة، وأَمَرَهُ بمُلَازمة الشَّريف أبي السَّعَادَات بن الشَّجَرِيّ، وأبي مَنْصُور بن الجَوَالِيْقِيّ، لقراءة الأدَب، فقرأ عليهما حتَّى بَرَعَ في النَّحو ومَعْرفَة العَرَبِيَّةِ.
وأسْمَعَهُ الحَدِيْث الكَثِيْر من الشُّيُوخ الكِبَار كأبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي الأنْصَاريّ، وأبي القَاسِم هِبَة الله بن أحْمَد الحَرِيرِيّ، وأبي مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد القَزَّاز، وأبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، وأبى البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن هِبَة الله بن عَبْد السَّلام، وأبي الفَتْح عَبْد الله بن مُحَمَّد بن البَيْضَاويّ، وأبي مُحَمَّد يَحْيَى بن عليّ بن الطَّرَّاح، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن تَوْبَة، وأبي عَبْدِ اللهِ الحُسَين بن عليّ بن أحْمَد الخَيَّاط، ومن جَمَاعَة غيرهم.
وقَرِأ بنَفْسه على المَشَايخ كَثِيْرًا، وكان الشَّيْخ أبو مُحَمَّد المُقْرِئ يعزّهُ ويُقْرِئهُ كَثِيْرًا، وربَّاهُ أحْسَن تَرْبيةٍ، ووَهَب لهُ كَثِيْرًا من الكُتُب والأُصُول الّتي قَرَأها