للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسْتَعانَ بهِ، فأَنْفَذَ إلى رَجُل من الأتْرَاك يُعْرَفُ بمُحَمَّد بن دمْلَاج كان نَازِلًا في طَرِيق بَلَد الرُّوم في خَمْسمائة فارس، وضَمِنَ له مَالًا، فوَصَلَ ابن دمْلَاج في يَوْم الأرْبَعَاء مُستَهَلّ ذي القَعْدَة من سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين وأربَعِمائة.

وتَحَالفُوا، وخَرَجُوا إلى وَثَّاب وبني كِلَاب في يَوْم الخَمِيْس مُسْتَهَلّ ذِي الحِجَّة، وكان بنو كِلَاب في جَمْعٍ يُقارب سَبْعِين ألف فارسٍ ورَاجِل، وكانوا بقِنَّسْرِيْن، فعندَما عَاينُوا الأتْرَاك، انْهَزَموا من غير قِتَال، وخَلَّفُوا حلَلَهم، وأمْوَالهم، ونسائهم، وأوْلَادهم (a)، فغَنِمَ أحْمَد شَاه وابنُ دمْلَاج وأصْحَابُهما جميعَ ذلك، فيُقالُ إنَّهُم أخَذُوا لهم مائةَ ألف جَمَلٍ، وأرْبَعِمائة ألف شَاةٍ، وسِبَوا من حُرَمهم الحَرَائِر، وإمَائهم وعَبِيْدهم ما لا يُحْصىِ كَثْرةً، وعَادوا بالأسْرَى إلى حَلَب، فأطْلَقهُم سَابِق، وأنْزَل أُخْته زَوْجَة مُبَارك بن شِبْل في دَارٍ وأكْرَمها.

فسَار وَثَّاب ومُبَارَك بن شِبْلِ إلى السُّلْطان مَلِك شَاه بن ألْب أَرَسْلَان، وشَكوا حالهم، وسَألوا منه أنْ يُعينَهم على سَابِق، فوَعَدَهُم وأقْطَعهِم في الشَّام، وأقْطَع الشَّام أخاه نُتُش، فسَار ومعه جُمُوع التُّرْك ووِثَّاب ومُبَارك بن شِبْل، ووَصَلَ إليه بنو كِلَاب، فنَزَلَ على حَلَب سَنَة إحْدَى وسبْعِين وأرْبَعِمائة، ووَصَلَ إليه أبو المَكَارِم مُسْلِمِ بن قُرَيْش، ونَزَل معه عليها، وكان هَوَاهُ مع سَابِق، فكان يُسَيَّر إليه بما يُقَوِّي نَفْسَه، ويُنْكِر على بني كِلَاب خلْطَتهم [بعَسْكَر التُّرْك] (b)، ودَام الحِصَار ثلاثة أشْهُر (c).

وأحَسَّ أبو المَكَارِم بتَغيُّر النّيَّة فيه، وتَحْقِيقِ التُّهْمَة بهِ من مُرَاسَلَة سَابِق وأهْل حَلَب، فاسْتَأذَن تَاجَ الدَّوْلَة في الرَّحِيْل، ورَحَل، وجَعَل رحيْلَهُ وعبُورَهُ بعَسْكَره على باب حَلَب، وبَاع أصْحَابُهُ أهْلَ حَلَب كُلَّ ما كان في عَسْكَره


(a) في الأصل: وأموالهم، وهو تكرارٌ تجاوز عن إثباته ناسخ ق، والمثبت من زبدة الحلب ١: ٢٨٦.
(b) ما بين الحاصرتين إضافة من زبدة الحلب ١: ٢٩٠.
(c) في زبدة الحلب ١: ٢٨٩: ثلاثة أشهر وعشرين يومًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>