للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَصَبِيَّةً وتَقْويةً لهم، وقَوَّى نفُوسَهُم ونَفْسَ سَابِق، وسَار بعد أنْ قَوِيَ أهْل حَلَب بما ابْتاعُوه من عَسْكَره بعد الضَّعْف الشَّدِيد إلى بلادِه.

ورَحَل مُعْظَم بني كِلَاب، وبَقي مع تَاج الدَّوْلةَ تُتُش من بني كِلَاب وَثَّابٌ وشَبِيْبٌ أخَوا سَابِق ومُبَارَك بن شِبْل فىِ عَدَدٍ يَسِيْر، فأشَار عليهم أبو المَكَارِم في قُرَيْشٍ بالاحْتِيَاط على أنْفُسهم أو الهَرَب إلى حَلَب، وكاتَبهم سَابِق، وَتألَّفَهُم، وقال لهم: إنَّما أَذبّ وأُحَامِي عن بلادكُم وعزِّكُم، ولو صار هذا البَلَدُ إلى تُتُش، أزالَ مُلْكَ العَرَب وذلُّوا، واسْتَوْحَشوا من الأتْرَاك، فهَرَبُوا إلى حَلَب، وصَاروا إلى سَابِق، وكَتَبَ سَابِق إلى الأَمِير أبي زَائِدَة مُحَمَّد بن زَائِدَهَ قَصِيدَةً من شِعْر وَزِيره أبىِ نَصْر بن النَّحَّاس؛ يُعَرِّفُه ما هو فيه من الضِّيْق، ويَسْألُه الإقْبَال عليهِ، والقيام بمَعُونَته، ويُحَذِّرُه من التَّخلُّف عنه، فيكُون ذلك سَبَبًا لزَوَال مُلْك العَرَب، ويَعِيْب عليه في التَّوَقُّف عنه، والقَصِيدَة (١): [من الطويل]

دَعَوتُ لكَشْفِ الخَطْبِ والخَطْبُ مُعْضِلٌ … فَلَبَّيْتَنىِ لَمَّا دعَوْتُ مُجَاوِبَا

ووَفَّيْتَ بالعَهْدِ الّذىِ كانَ بَيْنَنا … وَفَاءَ كَرِيمٍ لَم يخُنْ قَطُّ صَاحِبَا

وما زلْتَ فَرَّاجًا لكُلِّ مُلِمَّةٍ … إذا المِحْرَبُ الصِّنْدِيْدُ ضَجَّعَ هَائبا

فشَمِّرْ لها وَانْهَضْ نُهُوضَ مُشَيَّعٍ … لَهُ غَمَرَاتٌ تَسْتَقِلُّ النَّوَائِبا

وقُلْ لكِلَابٍ: بدَّدَ اللهُ شَمْلكُمْ … أوَ يحْكُمُ ما تَتَّقُونَ المَعَايبا

أتَسْتَبْدلُونَ الذُّلَّ بالعِزِّ مَلْبَسًا … وتُمْسُونَ أذْنابًا وكُنتُمْ ذَوَائِبا

وما زلْتُمُ الآسَادَ تَفْترِسُ العِدَى … فما بالُكُمْ مَعْ هؤلاءَ ثَعَالِبَا

ثِبُوا وَثْبةً تَشْفِي الصُّدُورَ مِن الصَّدَى … ولا تُخْجِلُوا أحْسَابَنا والمَنَاقِبا

ولا بُدَّ من يَوْمٍ نُحَكِّمُ بَيْنَنَا … وبَينَ العِدَى فِيه القَنَا والقَوَاضِبَا

أرَى الثَّغْرَ رُوْحًا أنتُمُ جَسَدٌ لَهُ … إذا الرُّوْحُ زَالتْ أصْبَحَ الجِسْمُ عَاطِبَا


(١) القصيدة في زبدة الحلب ١: ٢٩١ - ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>