للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَد ذُدْتُ عَنهُ طَالبًا حِفْظَ عِزِّكُمْ … إباءً ولاقَيْتُ المَنَايا الشَّوَاغبَا (a)

وها أنا لا أنْفَكُّ أَبْذُلُ في حِمَى … حِمَاكُمْ مُجِدًّا مُهْجَتي والرَّغَائِبا

أأَذخَرُ مالي عنكُمُ وذَخَائِري … إذًا بِتُّ عَن طُرْقِ المَكَارِم عَازِبَا

شَكَرْتُ صَنِيعَ ابنِ المُسَيَّبِ إذ أَتَى … يَجُرُّ مَغَاويرًا تَسُدُّ السَّبَاسِبَا

منها:

أيا رَاكِبًا يَطْوِي الفَلَاةَ بجَسْرَةٍ … هَمَلَّعَةٍ لُقِّيْتَ رُشْدَكَ رَاكِبا

ألَا ابْلغْ وأبا الرَّيَّان عنِّي ألُوكَةً … تُزيحُ مِنَ الإيْلَافِ ما كانَ وَاجِبَا

أخًا شَخْصُهُ لا يَبْرَحُ الدَّهْرَ حَاضِرًا … تُمثِلُهُ عَيْني وإنْ كانَ غَائِبَا

مَتَى تَجْمَعُ الأيَّامُ بَيْني وَبينَهُ … أَشُدُّ علَيهِ ما حَيِيْتُ الرَّوَاجِبَا

وأَهْدِ إلى شِبْلٍ سَلَامي وقُلْ لَهُ: … لَكَ الخَيْرُ دَعْ ما قَدْ تَقَدَّمَ جَانبِا

فَتِلكَ حُقُودٌ لو تَكَلَّمَ صَامِتٌ … لجاَءَ إليها الدَّهْرُ مِنْهُنَّ تَائِبَا

وقَد أمكَنَتْكُمْ فُرْصَةٌ فانْهَضُوا لَها … عِجَالًا وإلَّا أعْوَزَ الدُّرُّ جَالِبا

فإنِّي رَأيْتُ المَوْتَ أجْمَلَ بالفَتَى … وأهْوَنَ أنْ يلقَى المَنَايا مُجَاوِبَا

وكان قد بَلَغَ سَابِقًا أنَّ أميرًا من أُمَرَاء خُرَاسَان يُقال له تَركُمان (b) التُّرْكِيّ، قد توجَّهَ مُنْجِدًا تَاج الدَّوْلَة تُتُش ومعَهُ عَسْكر، فأخْرَج سَابِقٌ مَنْصُور بن كَامِل الكِلَابيّ، أحَد أُمَرَاء بني كِلَاب، من حَلَب لَيْلًا، وأعْطَاهُ كتابَهُ إلى أبي زَائِدَة، وفيه هذه الأبْيَات، ومعه بعض أصْحَاب سَابِق، ومعهم مالٌ، فاتَّفَقَ مع مَنْصُور ونائب سَابِق، وجَمَعُوا ما يَزِيد على ألف فَارِس وخَمْسِمائَة رَاجِل من بن نُمَيْر، وقُشَيْر، وكِلَاب، وعُقَيْل، بتَدْبِير أبي المكَارِم بن قُرَيْش، والْتَقوا تَرْكُمان التُّرْكِيّ (c) في أرْضِ الفَايَا، فكَبَسُوا عَسْكَرَهُ، وقَتَلُوه.


(a) في زبدة الحلب: السواغبا، وهو بالشين المعجمة اسم للمنية. انظر: لسان العرب، مادة: شعب.
(b) جوَّده المؤلف بفتح أوله في غير هذا الموضع.
(c) ق: التركماني.

<<  <  ج: ص:  >  >>