وكم هَبَّ يُنْشِيء مُزْنَةً من مَدَامِعي … غَرَامٌ له بَيْنَ الجَوَانِح لُوْحُ
على دَارِسَاتٍ طَالَ في عرصَاتِها … بُكَاء جُفُوني والحَمَام تَنُوحُ
وَقَفْتُ بها إذْ ما لعَافي رُسُومها … كجِسْمِي منَ البَيْن المُشِتِّ وضُوحُ
ومن جَفْنِ عَيْني لا تُغِبُّ سَحَابَةٌ … ومِنْ زفَراتي لَيْسَ تَرْكُدُ رِيْحُ
وللهِ بَرْق فيهِ بُرْؤُ حشَاشَتِي … وريْحٌ لقَلْبي من جَوَاهُ تُرِيْحُ
فهل لصَبَا نَجْد على ذي صَبَابةٍ … هبُوبٌ وهل بَرْق الحِجَاز لَمُوحُ
ويا حَبَّذَا الرَّوْضُ الّذي نَفَحَاتُه … بِسِرِّ شَذَاهُ المنْدَلِيّ تَبُوحُ
وقد دَبَّجَتْهُ للغُيُوث أنَامِلٌ … فهل هُوَ في الغَازِي الغياث مَدِيْحُ
وأنْشَدَني سَالِم بن سَعَادَة أيضًا لنَفْسِه: [من السريع]
باحَ منَ الدَّمْعِ بأسْرَاري … مَاءٌ مرَتْهُ نَارُ أفْكَارِي
وطَارَ مِن جفْنِيَ مُحْمَرَّةٌ … شَرَارُ زَنْدِ الكَمَدِ الوَارِي
وشَادنٍ شيْمَةُ ألْحَاظِهِ … سَفْكُ دَمِ القَسْوَرَةِ الضَّارِي
عَزَّ وَلي ذُلٌّ فهَيْهاتَ أنْ … أُدْرِكَ يَوْمًا عِنْدَهُ ثَارِي
وكُلُّ ما عَاينْتُهُ خَاطِرًا … غَرِقْتُ في لُجِّةِ أَخْطَارِ
فَيا لَهُ مِن حَاكِم في الهَوَى … كم جَارَ في الحُبِّ على جَارِ
خَدَّ فُؤادِي خَدُّهُ واكْتَسَى … صِبْغَتَهُ مِن دَمِهِ الجَارِي
خَدٌّ يُرِيْنَا الصُّبْحَ تَحْتَ الدُّجَى … علَيهِ بينَ الماءِ والنَّارِ
وحبَّذَا مِسْكُ العِذَار الّذي … فيهِ تَمَسَّكْتُ بأعْذَاري
عِذَارُ مَنْ لَوْلَاهُ ما هُتِّكَتْ … بمُسْتَهِلِّ الدَّمْعِ أسْتَاري
لَمْ أَنْسَ لمَّا زَارَني والدُّجَى … قد حَارَ فيهِ النَّجْمُ يا حَارِ
وقد سَعَى بالبَدْرِ مَنْ قَدُّهُ … غُصْنٌ على دِعْصِ نَقًا هَارِ