للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطَافَ بالصُّبْحِ الّذي في الدُّجَى … أطْلَعَهُ مِن غسَقِ القَارِ

بقَهْوَةٍ أنْجُمُ كاسَاتِها … دَائِرَةٌ ما بَينَ أقْمَارِ

في مُوْنقٍ يُنْثَرُ دُرَّ الحَيَا … عَلَيهِ في أصْدَافِ أزْهَارِ

أبْدَى مِنَ النَّوْر كنُوزًا بها … أَغْنَى الثَّرَى مِن بَعْدِ إقْتَارِ

سَمِعْتُ المُهِذَّب سَالِم بن سَعَادَةَ الحِمْصِيّ يُنْشِدُ المَلِك الظَّاهِر غَازِي قَصِيدَةً في مُسْتَهَلِّ شَهْر رَجَب من سَنَة اثْنَتي عَشرة وسِّتِمائة وهو واقفٌ بينَ يَدَيْهِ: [من الطويل]

عَسَى يَنْطَوِي بالوَصْلِ نَشْرُ صدُودِهِ … ويُفْضِي إلى ريٍّ أُوَامُ عَمِيْدِهِ

ويا لَيْتَ يَنْأى بالرِّضَا قُرْبُ سُخْطِهِ … وتُطْفَى بماءِ الوَعْدِ نَار وَعِيْدِهِ

ويُصْبحُ قَلْبي نَافِرًا مِن هُمُومِهِ … وقد باتَ جَفْنِي آنِسًا بهُجُودِهِ

وإنِّي لعَانٍ قيَّدَتْهُ صَبَابةٌ … سيَقْضِي ولا تَقْضِي بفَكِّ قُيُودِهِ

وعَقْدُ اصْطِبَاري حَلَّهُ بطُلُوعِهِ … هِلَالٌ بَدَا في هَالَةٍ مِن عُقُودِهِ

ومِنِ ثَغْرِهِ المَعْسُولِ تَظْما حُشَاشَتِي … إلى بَرَدٍ مَنْ لي برَشْفِ بَرُودِهِ

تَدَيَّرَ نَجْدًا بعْدَ مُنْعَرَجِ اللّوَى … وبُدِّلَ مِن وَادِيهِ سِقْطَ زرُودِهِ

فكَادَ إلى أَجْرَاعِ نَجْدٍ يَطِيرُ بي … هُبُوبُ نَسِيمِ الشَّوْق بَعْدَ ركُودِهِ

ولمَّا مَضَى أبْقَى لَهُ بجَوَانِحي … لَهيْبَ غَرَامٍ شَبَّ بَعْدَ خُمُودِهِ

وأَجْرَيْتُ نَفْسِي بالتَّنَفسِ أدْمُعًا … تُحَدِّرُها يَوْمَ النَّوَى بصُعُودِهِ

ويا حبَّذا لو عادَ عَيْشي كَما بَدَا … رَطِيْبًا ولَهْوي في نَضَارةِ عُودِهِ

ولَم يُرْدِ ضِرْغَامَ العَرِينِ على النَّقَا … سِوَى رَشَأٍ ما بينَ أسْرَابِ غِيْدِهِ

بذِي كَحَلٍ يُضْحِي السَّدِيْدُ مُجَدَّلًا … إذا ما رَمَى رِيْمُ النَّقَا بسَدِيْدِهِ

وما طَرَفُ الخَطِيِّ بالطَّعْنِ في الطُّلَا … بأفْتَكَ مِن طَرْفِ الغَزَالِ وَجِيدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>