للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقَلْتُ من كتابِ المَأْثُور من مُلَح الخُدُور، تأليف الوَزير أبي القَاسِم بن المغرِبيّ بخَطِّه، وذَكَرَ نَسَبَ أبي العَلَاء كما أوْرَدناهُ، وكَتَبَ بعدَهُ: وبعضُ حُسَّادِ هؤلاء القَوْمِ يَرْميهم بالدِّعْوَة (١)، ويقُول: إنَّهم مَوَالي إسْحَاق بن أيُّوبَ التَّغْلِبِيّ، وذلك بَاطِلٌ! وأصْلُه أنَّ كَثِيْرًا منهم أسْلَمُوا على يَدِ إسْحَاق هذا، فتَطَرَّق القَوْلُ عليهم لأجْلِ ذلك، وقد قال الشَّاعر: [من البسيط]

إنَّ العَرَانين تلْقَاها محُسَّدَةً … ولن تَرَى للئَام النَّاس حُسَّادَا

قال الوَزِيرُ أبو القَاسِم، ونَقَلْتُه من خَطِّه: كان أبو العَلَاء سَعِيْد بنُ حَمْدَان مُلَازمًا بَغْدَاد، وخَاصًّا بحَضْرَة المقتَدِر، قالوا: فكانت أكْثَر مَوَاقِفه على بابهِ، وكانوا في بعضِ الأوْقَات سَارُوا إلى قَصْر المقدِر مُشَغِّبين عليه، فهزمُوا مُحَمَّد بن يَاقُوت والحجَريَّة والسَّاجَيَّة، وكان أبو العَلَاء بن حَمْدَان في دَار المقتَدِر على غير أُهبةٍ، فأمَرَهُ بالخُرُوج إليهم ودَفَع إليهِ جَوْشَن المعتَضِد باللّه، ودِرْع وَصِيْفٍ الخَادِم، فظَاهَر بينهما، وخرج مع منْ حَضَر من غِلْمَانه، فضَرَب فيهم بالسَّيْف، وغَشُوهُ من كُلِّ جَانبٍ، وأثْخَنوهُ بالجِرَاح، فثَبَتَ حتَّى هَزَمَهم، فقال فيه هَوْبَر الكِنَانِيّ من وَلد هَوْبَر صَاحِب تَغْلِب في حَرْب قيس وتَغْلِب، قَصِيدَةً يَمدَحه فيها، منها: [من الخفيف]

يُبْرِزُونَ الوُجُوهَ تحتَ ظِلَالِ الـ … ـمَوْتِ والمَوتُ مِنْهُمُ يَسْتَظِل

كُرَمَاءٌ (a) إذا الظُّبَى واجَهَتْهُمْ … منَعَتْهُم أحْسَابُهُمْ أنْ يَزلُّوا

قال الوَزِيرُ أبو القَاسِم، ونَقَلْتُه من خَطِّه: وكان أبو العَلَاءَ شَاعِرًا، يُعَدُّ من شُعَرَاء بَنِي حَمْدَان، وكان أوْقَعَ ببني عُقَيْل بمَوضع يُقال له شَرْج من أرْضِ (b)


(a) الأصل وق: كرماه.
(b) قوله: "من أرض" ساقط من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>