للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الّذي سَيَّرَهُ يَذْكُر فيه أنَّهُ قد أرْسَلِ الجَامَدَان مع الشَّيْخ أبي الحُسَين. قال: فقال صَاحِبُ الجَامَدَان للرَّجُل الّذي تَرَكَهُ عندَهُ: هذا الجاَمَدَانُ لي والقُمَاش قُمَاشِي، وهذا الكتابُ إليَّ وأرَاهُ الكتابَ، فقال: أنا وجَدْتُه مُلْقًى في المكان الفُلَانيّ، قال: فالْتَقَى صَاحِب الجَامَدَان الشّيْخ أبا الحُسَين، فقال له: مثْلُك يكُون النَّاس، ما أنتَ إلَّا أَمين، فالْتَفَتَ إليه وقال: يا بَارد، ألَم يَصِل إليك جَامَدَانُكَ، فما وَجْهُ عَتْبِكَ، ثُمَّ تَرَكَهُ ومَضَى.

سَمِعْتُ أبا العبَّاسِ أحْمَدَ بن يَحْيَى ابن الشَّيْخ أبي الحُسَين الزَّاهدِ بالميْطُور من سَفْح جَبَل قَاسِيُون، قال: أخْبَرَتْنِي عَمِّتي -يعني بنت الشَّيْخ أَبي الحُسَين- قالت: كنت في اللُّبَّن، وهي قَرْيَة بين نابُلُس والبَيْت المُقَدَّسِ، والشَّيْخ أبو الحُسَين وَالدِي بها، وابْني في الحَجِّ، وكان ذلك قبل عِيْد النَّحْر بيَوْمَيْن، فعَمِل (a) بَعْضُ مَنْ في اللُّبَّن للشَّيْخ أبي الحُسَين عُجَّةً، فاشْتَهيْتُ أنْ يَأكُل ابني منها، فقُلتُ: اشْتَهيْتُ ابني فُلَانًا يَأكُلُ من هذه العُجَّة (b)، فقال لي وَالدِي أبو الحُسَين: هَاتي، فدَفَعْتُ إليه العُجَّة والغَضَارَة الّتي هي فيها والخُبْز، فأخَذَ ذلك وخَرَج بالمِنْدِيل، فَحَجَّ ابني ورجَع، وأحْضَر إليَّ تلك الغَضَارَة بعَيْنها، فقُلتُ: ما هذه؟ فقال: هذه أحْضَرَها إليَّ الشَّيْخُ أبو الحُسَين وفيها العُجَّةُ مع الخُبْزِ.

قال لي أحْمَدُ بن يَحْيَى: وحَدَّثَتني عَمَّتي المَذْكُورَة، قالت: أخْبَرَني أخي، بعضُ وَلدِ الشَّيْخ أبي الحُسَين، قال: كان وَالدِي أبو الحُسَين يَجْمعُ قشُورَ البِطِّيْخ الّتي تلقَى فيَجْعَلُها في قِدْرٍ، ويأخُذُ مِغْرَفَةً ويُحَرِّكها ويُخْرِجُها فنَأكُلها، فنَجدُها من أطْيَب الأطْعِمَة، فلمَّا تُوفِّي الشَّيْخُ عمدَ بعضُ وَلدِه ففَعَل مثْل ما كان يَفْعَلُ، فلَم يُطِقْ أحَدٌ أنْ يَأكُلَها، فقال بَعْضُهم: القُشُورُ القشُور، والقِدْرُ القِدْر، والمِغْرَفَة المِغْرَفَة، ولكن اليَد الّتي كانت تُحَرِّكها ليسَتِ اليَد!.


(a) م: وكان قد عمل.
(b) م: يأكل منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>