للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ، فلمَّا حَصَلْتُ عندَهُ رَمَى إليَّ حَبْلًا، فقال: خُذْ هذا فاصْعَدِ الجَبَلَ، فاقْطَع حُزْمةَ حَطَب فبِعْها بدَانقَيْن، فتَقَوَّتْ بدَانقٍ وتَصَدَّق بدَانق. فقُلتُ: قد ضاقَتْ خِزَانَة مَوْلاي حتَّى أحْمِل الحَطَبَ وأُطْعِم عِبَادَهُ!؟ فصَاح وقال: الحَلَالُ، ثُمَّ القُرآن، ثُمَّ اللَّه عزَّ وجلَّ، فبالحَلَالِ يُسْتَعانُ على القُرْآن، وبالقُرْآنِ يُعْرَف اللَّهُ عزَّ وجلَّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن مُحَمّد بن يُوسُف، فيما أَذِنَ لنا أنْ نَرْويه عنهُ، قال: أخْبرنا أبو الفَتْح مُحَمّدُ بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ (a) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ (١)، قال: سَمِعْتُ غير واحدٍ ممن لَقِيَ أبا الخير الأقْطَع، أنَّ سَبَب قَطْع يَدِه أنَّه كان قد عَاهَدَ اللَّه أن لا يَتَناوَل بشَهْوَة نَفْسه شَيئًا مُشْتَهى، فرَأى يَوْمًا بجَبَل لُكَام شَجَرَة زُعْرُور، فاسْتَحْسَنَها، فقَطَعَ منها غُصْنًا، فتَنَاوَل منها شَيئًا من الزُّعْرُور، فذَكَر عَهْدَهُ وتَركَهُ، ثمّ كان يَقُولُ: قَطَعْتُ عُضْوًا (b) فقُطِعَ منِّي عُضْوٌ.

أخْبَرَنا الحافظُ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ اللَّه الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أَبو الفَضْلِ عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدِ القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ بن أحْمَد بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليُّ بن عَبْدِ اللَّه بن الحَسَن بن جَهْضَم الهَمَذَانيّ، قال: حَدَّثَنَا بُكَيْر بن مُحَمَّد، قال: كُنْتُ عند الشَّيْخ أبي الخَيْر بالتِّيْنَاتِ، فبَسَطني بمُحَادثَته لي بذِكْر بدايَتِهِ إلى أنْ تهجَّمتُ عليه، فسَألتُهُ عن سَبَب قَطْع يَدِه، وما كان منهُ، فقال: يَد جَنتْ فقُطِعَتْ، فظَنَنْتُ أنَّهُ كانت له صبْوَةٌ في حَدَاثَتِهِ من قَطْعِ طَرِيقٍ أو نَحْوه ممَّا أوْجَبَ ذلك، فأمْسَكْتُ.


(a) م: أحمد.
(b) حلية الأولياء: غصنًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>