للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسَد قَصَدَني، فخَرَجَ وصَاح على الأسَد وقال: ألَم أقُل لك لا تَعْرض لضيْفَانِي، فتَنَحَّى، وتَطَهَّرْتُ، فلمَّا رَجَعْتُ قال: اشْتَغَلْتُم بتَقْويم الظَّوَاهر، فخفْتُم الأسَد، واشْتَغْلنا بتَقْويم القَلْب فخافَنا الأسَدُ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّطِيْف بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا حَمْد (a) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحَافِظ (١)، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: وسَمعْتُ جدِّي إسْمَاعِيْلَ بن نُجَيْد يَقُول: دَخَلَ على أبي الخَيْر جَمَاعَة من البَغْدَاديِّيْن (b) يَتكلَّمونَ بشَطْحِهم بحَضْرته، فضَاقَ صَدْره من كَلامهم، فخَرَجَ، فجاء السَّبُعُ فدَخَلَ البَيْتَ، فانْضَمَّ بَعْضُهم إلى بعضٍ سَاكتِيْن، وتَغَيَّرت ألْوَانهم، فدَخَل أبو الخَيْر فقال: يا سَادَاتي، أين تلك الدَّعَاوي؟!.

قال أبو نُعَيْم (٢): ومنهم -يعني من الأوْلِيَاء-: أبو الخَيْر الأقطَع التِّيْنَاتِيّ، له الآيات والكَرَامَات (c)، تُوفِّي بعد الأربَعِين والثَّلاثمائة، كانت السِّبَاع والهَوَامّ يأنسُونَ بمُجَالسَته ويأوُونَ (d) إليه، وكان يَنْسج الخُوْصَ بإحْدَى يَديهِ. سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين يَقُول: سَمِعْتُ أحْمَد بن الحُسَين الرَّازِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا الخَيْر يقُول: مَنْ أحَبّ أنْ يَطَّلع النَّاس على عَمَلهِ فهو مُرَائي، ومَنْ أحبَّ أنْ يَطَّلع اللَّهُ على حَالهِ فهو كَذَّابٌ.

قال (٣): وكان يَقُول: ما بَلَغ أحدٌ حالةً شَرِيفةً إلَّا بمُلَازَمة المُوَافَقة، ومُعَانَقةِ الأدَب، وأداء الفَرِيْضَة، وصُحْبَة (e) الصَّالِحين، وخِدْمَة الفُقَرَاءَ الصَّالِحين (f).


(a) م: أحمد.
(b) م: المتقدمين.
(c) لم ترد في الحلية.
(d) قوله: "بمجالسته ويأوون" ساقط من م.
(e) حلية الأولياء: ومحبة.
(f) م: والصالحين، وفي الحلية: الفقراء الصادقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>