للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمَدِينَة حَلَب، ينفَعُ من عُسْر البَوْل، وإذا أصَاب الإنْسان أو الدَّابَّة عُسْر البَول أتَوا به إليهِ، وأدَارُوا به حَوْلَهُ، فيَزُول ما بهِ، وذَكَرُوا أنَّ هذا مُجَرَّبٌ، والنَّاسُ يَعْرِفُونَ ذلك إلى زَمَننا هذا ويَسْتعمِلُونَهُ فيُفيد، والمَحَلَّة الَّتي هذا العَمُود بها تُعرف بعَمُود العُسْر.

وفي قُرَى حَلَب في النَّاحِيَةِ الشَّرْقيَّة، وتُعْرَفُ بالحَبْل (١)، خِرْبةٌ تُعْرفُ بجُبِّ الكَلَب، وهي إلى جانب قِبْثان الحَبْل كان بها بئر ينفَعُ المَكْلُوب.

وأخْبَرَني والِديّ، رَحِمَهُ اللّه، فيما يَأْثُرهُ عن سَلَفه، أنَّ هذا البِئْرَ كان يَنفَعُ مَنْ عَضَّهُ الكَلْب الكَلِب، فيأْمَن المَعْضُوض من الكَلَب بالنَّظر في تلك البئر والشَّرب منها.

قال والدِي رَحِمَهُ اللّه: وبَطَلَت مَنْفَعة البِئْر بأنَّ امْرأةً ألْقَتْ فيها خِرْقَةَ حَيْضٍ، فبطلَ تأثيرُها، وهذا مُتَدَاولٌ عند أهْل حَلَب، يَأْثُرُهُ الخَلَفُ عن السَّلَف، وإنَّما بطلَت مَنْفَعَةُ البئر في صُدُود الخَمسمائة.

ونَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحَسَنِ عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، في تاريخهِ المَوْسُوم بالبدَايةِ والنِّهايَة (٢)، قال: سَنَة خَمسٍ وأرْبعين وأرْبَعِمائة، فيها كَلِبَت الذِّئابُ والكِلَابُ وأتْلَفْت أكْثَر النَّاسِ. قال أبي: قال لي جَدُّكَ رَحِمَهُ اللّه: كان أبي أبو المُتَوَّجَ قد دَخَل إلى حَلَبَ، وترَكَني عندَ جَدِّي الصُّوفِيّ أتفَرَّجُ بسَرْمِيْن، وكُنْتُ لا أعْرفُ لي وَالدًا سِواه لغَيْبَة أبي عند الأُمراءِ والمُلُوك، فقال: يا عَليّ،


(١) تقدّم التعريف بها وبقبثان الحبل فيما تقدّم.
(٢) لم يشر لهذا الكتاب غير ابن العديم، ونقل عن نسخة توفرت له بخط مؤلف الكتاب في ١٩ مرة، وسمى كتابه بالعنوان أعلاه في موضعين، ولم يرد عند مَنْ ترجم له ذِكْر لاعتنائه بالتأليف، إِلَّا من أشعار ومنظومات له، وقد توفي الأمير علي بن مرشد شهيدًا بعسقلان سنة ٥٤٦ هـ. انظر: ياقوت، مُعْجَم الأدباء ٢: ٥٨١ - ٥٨٤، (وأرخ وفاته سنة ٥٤٥ هـ)، الوافي بالوفيات ٢٢: ١٩١ - ١٩٢، النجوم الزاهرة ٥: ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>