للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها السَّواقي، فإذا دَخَل تلك المساكب جَمَد بإذْن الله، وصار مِلْحًا أبيض في بياض الثَّلْج، فيُباع منه بالأمْوالِ الخَطيرة، ولذلك سُمِّي نَهْر الذَّهَب.

قُلتُ: وهذا عليّ بن مُنْقِذ صَاحب هذه الوَاقِعَة هو الأَمِير سَدِيْدُ المُلْك [أبو الحَسَن عليّ] (a) بن أبي المُتَوَّج مُقَلَّد بن مُنْقِذ الكِنَانِّي، الّذي فَتَح شَيْزَر واشْتَراها من الأُسْقُف بمالٍ بذلَهُ له على ما ذَكَرناهُ في الباب المُتَقدِّم في ذِكْر شَيْزَر (١)، وكان من الرِّجال العُقلاءِ، والأُمَراءِ العُلَمَاء، والأُدَبَاء الشُّعَرَاء، وجَدُّهُ المذكُور لأُمِّه هو الحَسَنُ بن عِجْل المَعْرُوف بالصُّوفيِّ، وبنو الصُّوفِيّ الّذين تَولُّوا رئاسة دِمَشْق كانُوا من نَسْلِه، وكان الصُّوفِيِّ يَسْكن سَرْمِيْن، وسيأتي ذكْرهُما (٢) في هذا الكتاب إن شَاءَ اللهُ تعالَى.

قَرَأْتُ في كتاب الرَّبِيع، تأليفُ غَرْس النِّعْمَة أبي الحَسَن مُحمَّد بن هِلِّل بن المُحَسِّن بن إبْرَاهِيم بن هِلِّل الصَّابئ، وأخْبَرنا به عَبْد اللَّطِيف بن يُوسُف إجَازَةً، عن أبي الفَتْح مُحمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، عن أبي عَبْد الله الحُمَيْدِيّ، قال: أخْبَرَنا غَرْسُ النِّعْمَة أبو الحَسَن، قال: وحَدَّثَني أبو عَبْد الله بن الإسْكَافِيِّ كاتب البَسَاسِيرِيّ في سَنَة إحْدَى وخمسين وأرْبَعِمائة، قال: احْتَرق بحَلَب عاما أوَّل، بُرْجٌ من أبْراج سُورها، وحَكَي ذلك للمُسْتَنْصِرِ باللهِ صَاحب مِصْر خَادِمٌ كان له بحَلَب، فقال له: إنْ كُنتَ صَادِقًا ففي هذه السَّنَة يُخْطَبُ لنا بالعِرَاق، وذَاكَ عندنا في كُتُبنا دَلِيل على ما قُلْناهُ.

قال أبو عَبْد الله: واتَّفَق أنْ جئنا وأَقَمْنا الخُطْبَة في ذي القَعْدَة من سَنَة خَمْسين.


(a) ما بين الخاصرتين كلمتان مطموستان بفعل الرطوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>