للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيْفًا، ويَرْكَب بَغْلًا، ويَلْطَخُ فَمَهُ بدَمٍ، فكُلَّما تلَقَّاه رَجُلٌ من المُسْلِمِينَ، أوْمَأ إليهِ بيَدِه كأنَّهُ يُسَلِّم عليه ويَدْعُو له، فيَظُنّ أنّهُ رَجُلٌ من أهْلِ الثَّغْر قد أصَابَهُ ذلك في جِهادِه الرُّوم، فلا يَزال كذلك حتَّى يأتي طَرَسُوس، ثمّ يَضْربُ إلى الرُّوم ويُنادِي ويَسْأَلُ: هل رأيتُم الطَّاغِيَةَ؟ فَيَقُولُونَ: هربَ، ولو كان في القَتْلَى وَجَدْنَاهُ (a)، فيُوَلِّي الوُلاةَ، ويُوجِّهُهم في وُجُوه بُلْدان الإسْلام كُلّها وقد اسْتَقامَ أمْرُ الإسْلام كُلّهِ. ثمّ يخرج في أصْحَابهِ فيُجاهِدُ الرُّوم، ويُرسل إليهِ مَلِكُ الرُّوم ويُخْبره بحِيْلَته الّتي نَجَا بها، ويَسْألُه الصُّلْحَ والرُّجُوعَ (b)، ويُخَوِّفهُ فَسَاد بلادهِ إنْ هو اشْتَغَل بقتالِ الرُّوم، فيقُول له: لَسْنَا نقاتلُكَ على الأمْوَالِ والغَنائِم، إنَّما نُقَاتلُكَ على أنْ يكون الدِّينُ دِيْنَ الإسْلام.

قال: فيَقْرأ مَلِكُ الرُّوم كتابَهُ على بطَارقَتِهِ، ويقُول لهم: لا يكون هذا أحْرصَ على الجِهادِ منكم، فَيَقُولُونَ له: صَدَقَتْ، فاخْرُج بنا إليه. فيَجْتَمعُونَ ويخرجُونَ إلى الحَسَنيّ في ألفِ صَلِيْبٍ، تحتَ كُلِّ صَلِيب جَمْعٌ كبيرٌ، ويَلْقاهُم الحَسَنيّ، فيَقْتُل منهم كُلَّ يَوْم مَقْتَلَةً عَظِيمَةً لا تُحْصَى، ويَنْهزمُونَ ويتَّبعُهم حتَّى يبلُغَ بهم القُسْطَنْطِينِيَّة، ثُمّ يُحاصرهم أيضًا، ويُضَيِّق عليهم (c)، ويسأَلونَهُ الصُّلْح، فيأبَى ذلك عليهم، فينهزمُونَ عنها إلى رُومِيَةَ ويُخلونَها له، فيَدْخُلها في أصْحَابهِ، فيهدمُونَ بِيْعَتَها العُظْمَى بعد أخْذِهم بيتَ مَذْبَحها وصُلْبانه، ويَحْرثُونَ (d) قُسْطَنْطِينِيَّة، ويَهْدمُونَ سُورَهَا، ويقيمُونَ فيها وفيما حَوْلَها، ويريدونَ المَسِيْر إلى رُومِيَة، فيُرسِل الحَسَنيُّ جَيْشًا إلى مَلِك الصَّقَالِبَةِ فيهزمُونَهُ أيضًا، ويأْخُذونَ بعضَ بلادهِ.

ويَخْرجُ بإصْطَخْر من فَارِس رَجُل أعْوَر يَدَّعِي أنَّه الدَّجَّالُ، ويُسَمِّي نفسَهُ فيقُول: أنا الإلَهُ.


(a) ابن المنادي: لوجدناه.
(b) ابن المنادي: الصلح أو الرجوع.
(c) ابن المنادي: في مضيق عليهم.
(d) ابن المنادي: ويخربون.

<<  <  ج: ص:  >  >>