للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذوَاتها، وفَعَلَ يَزِيد وشُرَحْبِيل نحوًا من ذلك، واسْتَمَدَّ أهل الجَزِيرَة واسْتَثار أهل حِمْصَ، فأرْسلُوا إليهِ بأنَّا قد عاهَدْنَاهُم فنَخاف ألَّا تُنْصر، وخَرج على أبي عُبَيْدَة في جَلَبةِ الرُّوم، فاسْتَمَدَّ أبو عُبَيْدَة خَالِدًا، فأمَدَّهُ بمَن معهُ جميعًا؛ لم يُخَلِّف أحَدًا، فكَفر أهلُ قِنَّسْرِيْن بعدَهُ، وتابَعُوا هِرَقْل، فكان أكْفر مَنْ هُنالك تَنُوخ الحَاضِر، وكان تمسُّكُ كُلّ أميرِ بكُوْرته من القُوَّة وهو أنْجز وأعزّ للمُسْلِمين، ودنا هِرَقْل من حِمْص وعَسكَر وبَعَثَ البُعُوث إلى حِمْص، فأجْمع المُسلِمُون على الخَنْدَقة والكتابة إلى عُمَر رِضْوَانُ الله عليه، إلَّا ما كان من خَالِدٍ؛ فإنَّ المُناجزة كانت رَأيَهُ، فخَنْدَقوا على حِمْص، وكتبوا إلى عُمَر، واسْتَصرخُوه.

وجاءَ الرُّوم ومَنْ أمَدَّهُم حتَّى نزلوا عليهم، فحصَرُوهُم، وبَلَغت أمْداد الجَزِيرَة ثلاثين ألفًا سوى أمْدادِ قِنَّسْرِيْن من تَنُوخ وغيرهم، فبلغُوا من المُسْلِمِيْن كلّ مَبلَغ، وجاءَ الكتاب إلى عُمر وهو مُتَوَجِّه إلى مَكَّة للحَجِّ في ذِي الحِجَّة فمضَي لَحَجِّهِ، وكتبَ إلى سَعْدٍ أنَّ أبا عُبَيْدَة قد أُحِيطَ بهِ ولَزِمَ حِصْنه، فبثّ المُسْلِمِيْن بالجَزِيْرَة، واشْغلهم بالخيُول عن أهل (a) حِمْص، وأمِدَّ أبا عُبَيْدَة بالقَعْقَاع [. . .] (b)، فخرج القَعْقَاع بن عَمْرو مُمِدًّا لأبي عُبَيْدَة، وخرجَت الخُيُول نحو الرَّقَّة وحَرَّان ونَصِيْبِين، فلمَّا ولَجُوا (c) الجَزِيرَة، وبَلَغ ذلك إلى القَوْم وهم بحِمْص تَقَوَّضُوا إلى مَدَائِنهم، وبادر المُسْلمُون إليها، فَتَحَصَّنُوا، ونَزَل عليهم المُسلِمُون فيها، ولمَّا دَنا


(a) النص غير واضح في الأصل، والمثبت موافق لما عند الكلاعي: الإكتفاء ٢/ ١: ٢١٩، وورد في الإكتفاء في موضع آخر (٢/ ٢: ٣٠٨): وتقدم إليهم بالجد والحث.
(b) كلمة غير مقروءة، تقديرها: والسهيلي أو: والنهشليّ، ويرد في خبر الفتح أنَّه كتب إلى سعد أيضًا: وسرح سهل بن عدي إلى الرقة، انظر: الإكتفاء للكلاعي ٣/ ٣: ٣٠٨، وابن الجوزي: المنتظم ٤: ٢٢٣، ابن الأثير: الكامل ٢: ٥٣١، ابن خلدون: العبر ٤: ٤٧٤ (وفيه: سهيل بن عدي)، الحميري: الروض المعطار ١٦٥.
(c) كذا في الأصل، وفي الإكتفاء للكلاعي ٢/ ١: ٢١٩: فلمّا وصلوا.

ـ

<<  <  ج: ص:  >  >>