لهُ في مَواضِعَ فَصْلُ الخِطَابِ … وسَائرُ ما قَالَه فهو فَسْلُ
قال: ولو كان قَلَبَهُ فقال: إنَّ مواضِعَ منه فَسْلٌ، وسائر ما قالَهُ فَصْلُ خِطَابٍ، لكان أبْعدَ عن الإثم، وأقْرَب إلى الصِّدق والصَّواب.
وذكر ابن الصَّابِئ في كتاب الوُزَرَاء (١): أنَّ ابن العَمِيد كانَ يُجلِسُ المُتَنَبِّي في دَسْتِه، ويقعد بين يديه، فيقرأ عليه الجمهرة لابن دريد، لأن المُتَنَبِّي كان يَحفظُها عن ظَهر قَلْبٍ.
وقَرَأتُ في بعض مُطَالَعاتي أنَّ المُتَنَبِّي لمَّا اجتازَ بالرَّمْلَةِ ومدَحَ طَاهِرَ بن الحَسَن بن طاهر بن يَحْيَى العَلَويَّ، أجْلَسَه طَاهر في الدَّسْتِ، وجَلَس بين يَديهِ حتَّى فرغ من مِدْحَتِه.
وقَرَأتُ في كتاب نُزْهَة عُيُون المُشْتاقِين (٢) لأبي الغَنائِم الزَّيديّ، قال: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ أنَّ المُتَنَبِّي لمَّا مدح طاهر بن الحَسَن بن طاهر أجازَهُ ألف دينارٍ.
قُلْتُ: والقَصِيدَةُ التي مدحه بها هي القَصِيدة البائيَّة التي أوَّلُها (٣): [من الطّويل]
أعِيدُوا صبَاحِي فهو عِندَ الكَوَاعِبِ … ورُدُّوا رُقادِي فهو لَحْظُ الحَبَائِبِ
وقال ابنُ فُوْرَجَة في كتاب التَّجَنِّي على ابن جِنّي: حَدَّثَنِي الشّيخ أبو عليّ أحْمَد بن مُحمَّد بن يعقوب مسكَوَيْه بأصْبَهَان، وكان تَربية ابن العَميد ونَدِيمَهُ، قال: حضرتُ مجلس ابن العميد بأرَّجَان وقد دخل عليه أبو الطَّيِّب، وكان
(a) زيادة افترضها الأستاذ مَحْمُود شاكر ليستقيم الوزن. كتاب المُتَنَبِّي ٦٢٨.