للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّاعرُ من مِصْر وصَار إلى الكُوفَة فأقام بها، وصار إلى ابن العَمِيْد فمدَحَهُ، فقيل إنه صار إليه منه ثلاثون ألف دينار، وقال له: تَمْضي إلى عَضُد الدولة فمضى من عنده إليه، فمدحَهُ ووصَلَهُ بثلاثين ألف دينارٍ، وفارقه على أن يمضي إلى الكُوفَة يحمل عيَالَهُ ويجيءُ معهم إليه، وسار حتى وصل إلى النُّعْمانيَّة بإزاءِ قَرْيَةٍ تَقْرُب منها يُقال لها بَنُورَا (a)، فوجد أثر خيل هناك فَتَنَسَّم خَبَرها فإذا خَيْل قد كمَنَتْ له، فصادفَتْهُ لأنَّهُ قَصَدَها فطُعِنَ طعنَة نُكِّسَ عن فَرَسه، فلمَّا سَقَطَ إلى الأرض نَزَلُوا فاحْتَزُّوا رأسَهُ ذَبْحًا، وأخَذُوا ما كان معه من المال وغيره، وكان مَذْهَبُهُ أنْ يَحْملَ مالَهُ معه أين تَوجَّه، وقُتِلَ ابنُهُ معهُ وغُلَامٌ من جُمْلَةِ خَمْسة (b) غِلْمَة كانوا معهُ، وأنَّ الغُلَام المقتول قاتل حتى قتل، وكان قَتْلُ المُتَنَبِّي يوم الاثنين لخمسٍ بَقِينَ من شَهْر رَمَضَان سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسين وثلاثمائة.

قال الفَرْغَانيّ: وحُدِّثتُ أنَّهُ لمَّا نَزَلَ المَنْزل الّذي رَحَل منهُ فقُتل، جاءَهُ قَوْمٌ خُفَراءُ فطلَبُوا منه خَمْسينَ دِرْهمًا ليَسِيْرُوا معه فمنعَهُ الشُّحُّ والكِبْر، فأنذروا به، فكان من أمُره ما كان.

قال: وقيل بأنَّهُم لمَّا طلبُوا منهُ الخِفَارَةَ اعْتَذَر في ذلك أنْ قال لهم: لا أُكذبُ نَفْسِي في قَوْلي (١): [من الوافر]

يُذِمُّ لمُهْجَتِي سَيفي (c) ورُمْحِي

ففَارقوه على سخْطٍ وأنْذَرُوا به وكان من أمْره ما كان.


(a) كذا في الأصل، وعند المقريزي (المقفي ١: ٣٧٧): بيوزي: بفتح أوله وضم ثانيه وبعده زاي معجمة، مقصور على وزن فعولي.
(b) الأصل: خمس.
(c) ديوانه بشرح العكبري: ربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>