وكانتْ كُتُبُ الأنْسابِ من أبْرزِ مَصادرِه، مثلُ: كُتُبِ ابن الكَلْبِي والزُّبَيرِ بن بَكَّار وابن حَزَم، وكتابِ دِيْوان العَرَبِ وجَوْهرةِ الأدَب وإيْضَاح النَّسَب للنَّسَّابةِ الأَسَدِيّ، وكتاب نُزْهَة عُيُون المُشْتاقِيْن إلى وَصْف السَّادة الغُرّ المَيامِيْن لأبي الغَنائِم عَبْد الله بن الحَسَن الزَّيْديّ النَّسَّابَة (كان حيًّا سَنَة ٤٠٠ هـ)، وكتاب الجَوْهَر المَكْنُون في الأنْسَاب، وكتاب نُزْهَةِ القَلْب المُعَنَّى في نَسَبِ بَني المُهَنَّا، كلاهُما لمحمَّد بن أسْعد الجَوَّانِيّ النَّسَّابة، وكتاب المَجْدِيّ في أنْسَابِ الطَّالِبيِّيْن، لأبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ العَلَويّ العُمَرِيّ، المَعْرُوف بابنِ الصُّوْفيّ، وكتاب أدَب الخَوَاصّ، وكتاب الإيْناس في عِلْم الأنْساب كلاهُما للوَزير المَغْربيّ، وصَلنا كتَابُ الإيناس ووصَلَنا الجُزءُ الأوَّل من كتابِ أدَبِ الخَواصِّ، وأغْلَبُ نُقُولِ ابن العَديْم من أدَب الخوَاصِّ تقَعُ ضمْن الضَّائع من كتابِ الوَزير المغْربيّ، وأيضًا كتاب الإكْمالِ لابن مَاكُولا، والأنْساب للسَّمْعانيّ، وغيرها العَدِيد من كُتُب الأنْساب الَّتي اعْتَمدَها ابنُ العَديم في تأليفِ كتابهِ، وبعْضُها اليَومَ في حُكْمِ الضَّائِع.
ووظَّفَ ابنُ العَدِيْم الوَثِيقةَ المَكْتُوبةَ والأشْعارَ والأرَاجِيزَ وحتَّى النُّقُوشِ والسِّكَّةِ المَضْرُوبةِ في الكتابةِ التَّاريخيَّة، فاسْتفادَ من أُرْجُوزةِ الأعْلَام لأبي عَمْرو القاسم بن أبي داوُد الطَّرَسُوسِيّ، والَّتي انْفَرَدَ بذِكْرِها واسْتِخلَاصِ الإفاداتِ منها عن أوْضَاعَ الثُّغُور - خاصَّة طَرسُوس - وأحْوَالِ زُهَّادها وعُبَّادِها، ووَثَّق ما اطَّلَعَ عليه من كتاباتٍ في جامع أنْطاكِية، يقُولُ (الجُزء الأوَّل):
"والمَسْجِدُ الجامعُ الّذي كان بأَنْطاكِيَة للمُسْلِمينَ، هو إلى جانبِ القُسْيَان، ودَخَلْتُ أنْطاكِيَة في سَنَةِ ثلاثَ عَشرةَ أو أرْبع عشرةَ وستِّمائة، ودَخَلتُ بِيْعَةَ القُسْيَانِ، فوجدْتُ بجانبِها مِحْرَابَ المُسْلِمِيْنَ على حالِهِ، وفي سُقُوفِه آياتُ القُرْآنِ مَكتُوبةً في النَّقشِ، وهي على ما ذَكَرهُ ابنُ بُطْلان من الصُّورةِ، وبِيْعَةُ القُسْيَان مُزَخْرفةٌ بالرُّخَام والفُسَيفِساءَ".