رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلّم (١): مَنْ حَفِظَ على أمَّتِي أربعين حَدِيثًا من أمْر دِيْنِهم بعثَهُ اللهُ يَوْم القِيامَة فَقِيهًا عَالِمًا.
وقَعَ إليَّ جُزءٌ بخَطّ بعض المَعَرِّيّين يتضمَّن مَرَاثِيِ أبي العَلَاء أحْمَد بن عبد الله بن سُلَيمان، فقَرَأتُ فيهِ لأحْمد بن خَلَف المُمْتِع يرْثِيهِ: [من البسيط]
قبرٌ تَضَمَّن شَخْصَ العَالِمِ العَلَمِ … يَجلُّ عن لَامسٍ أولَا ثمٍ بفَمِ
جَادَتْ عليهِ غوَادِي الدَّمِع واتَّصَلَتْ … بها السَّواري فأغْنته عن الدّيمِ
وآلتِ الشَّمْسُ لا تَنفَكُّ كاسفَةً … فسَوّدَتْ غُرَرَ الأيَّام بالظُّلَم
فَلَوْ تكُونُ على هاماتنا لِمَمًا … لَمَا ألَمَّ بَيَاضُ الشَّيْب باللِّمَمِ
نَبغِي السُّرُور من الدُّنْيا وقَدْ قُدِرَتْ … بها الهُمُومُ على الأقْدَار والهمَمِ
وما تَزَالُ بنا الآمالُ مائلةً … إلى المطَامعِ في وُجْدٍ وفي عَدَمِ
إذا الشَّبِيْبَةُ بانَتْ عن أخي أَرَبٍ … فلا مآرب بعد الشَّيْبِ والهَرَمِ
نَبْكي الأقاربَ منَّا والبُكَاءُ على … نُفُوسنا واجِبٌ إذ نَقْتدِي بهم
فلَيْتَ ذا الحِلْمِ منَّا حين نفقِدُهُ … مُخَبَّرٌ بالَّذي يَلقَاهُ في الحُلُمِ
ولَيْتَ مَنْ بدِيَارِ الشَّام مَنْزِلُهُ … ليَوْم ربِّ العُلَا والمَجْد لم يَشِمٍ
في قَلْب كُلّ يمَانٍ نازحٍ أَلَمٌ … فلا يُلَامُ حَليْفُ القُرب في الألَمِ
وفي تهَامَةَ أَحْشَاءٌ حُشِيْنَ أسىً … وأعْينٌ كُحِلَتْ بالسُّهْدِ لا التّهمِ
وقاطنُونَ رأوا تَحْريمَ أمنهمُ … على النُّفُوس وما بانُوا عن الحَرَمِ
لا يَنْعَمون بحالٍ يظفَرون بها … من الزَّمانِ وهُم حالُونَ بالنِّعَمِ
قَوْمٌ إلى شَرَفِ الآباءَ نِسْبَتُهُمْ … فطِيْبُ فَرْعهمُ الزَّاكي بأصْلِهِمِ
يرونَ مَوْتَ ابن عَبْدِ الله عندَهم … نظيرَ مَوْت ابن عَبْد الله جَدِّهِم
ومَا العِرَاقُ بمَذْمُومٍ علىَ جَذَلٍ … لوصْف أَكثَره بالغَدْرِ في الذِّمَمِ
(١) القرطبي: جامع بيان العلم ١: ٥١، ورواه الشجري في أماليه الخميسية ١: ١٠ من حديث أبي الدرداء.