مَشَايخهم، وكان قد كُفَّ بصَرُهُ، وذلك بعدَ وَفَاةِ والدي مُؤلِّف هذا التَّاريخ، رَحِمَهُ اللهُ".
وعلَّقَ في الهامشِ بمُوازاتِه:
"هذا المكانُ أخْلَاهُ وَالدي رَحِمهُ اللهُ لكتابةِ وَفاةِ المَذْكُور، وتُوفِّي بعد والدىِ فألْحَقتُه هُنا، وكَتَبَ مُحَمَّد بن عُمَر بن أحمد بن أبي جَرادَة".
وفي الحاشيةِ المُقابِلَة كَتَبَ:
"وكَتَبَ هذين السَّطْرين الدَّقِيقَيْن مُحَمَّد بن عُمَر بن أحْمد بن أبي جَرادَة".
وكانتْ وَفاةُ مُحَمَّد هذا بحَمَاة في سَنَة ٦٩٥ هـ.
وأوَّلُ الأمْرِ أنَّنا أمَامَ افْتراضَيْن: بقاءُ أجْزاءَ الكتابِ في خِزَانَةِ المُؤلِّف "الخِزَانَة الصَّاحِبيَّة" بحَلَب، أو أنَّ المُؤلِّفَ اصْطَحبَ معه مُسَوَّداتِه وأجْزاءَهُ في رِحْلتِه الأخيرةِ الَّتي حلَّ بها القَاهِرة في ذي القَعْدَة ٦٥٨ هـ، فانْتَقَلتْ بعد وَفاتِه إلى بعضِ أوْلادِه ممَّن كانَ بالقَاهِرة أمْثَال مُحَمَّد وعَبْد الرَّحمن.
كانتْ لابن العَدِيْم خِزَانَةُ كُتُبٍ عامِرةٌ بنَفائِسِ الكُتُبِ والمجامِيعِ الأدَبيَّةِ والتَّاريخيَّةِ، وهي الخِزَانَةُ الَّتي خَدَمَتْ كتابَهُ "البُغْيَة"، ومَدَّتهُ بمَصادِر غايةً في الوَثاقَةِ؛ أغْلَبُها بخُطُوطِ أصْحابِها، واسْتَفادَ منها أيضًا ابنُ سَعِيد المَغْربيّ في تَتْميمِ كتابِ "المُغْرب" أثْناء إقامَتهِ بحَلَب، وتَحْديدًا بين سَنتي ٦٤٥ - ٦٤٧ هـ، وأشارَ إلى هذه الخِزَانَةِ في عدَّةِ مَواضِعَ من كتاب المُغْرب (١)، ولا نتَوفَّرُ أيَّةُ مَعْلُوماتٍ عن مَصِير الخِزَانَةِ ومحتَوياتِها بعد غَزْو التَّتَارِ لحَلَب وما وَقَعَ فيها من تَخْريبٍ وتَدْمِيْرِ وإحْرَاق، ويبدو أنَّ كُتُبَ هذه الخِزَانَةِ لم نَتعَرَّضْ للأذَى في تلكَ الهَجْمَةِ، بدَلِيلِ وصُولِ بعص مُقْتَنياتها إلينا، لكنها تَبَعْثَرتْ وتَناوشَتها الأيْدي فيما بعد وتَقْديرًا في