للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرْض شرًّا دُفِعَ عنُهم بدُعائهما.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْديِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ (١)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن نُعَيْم الضَّبِّيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الوَلِيدِ حَسَّان بن مُحَمَّد الفَقِيه، يقول: سَمِعْتُ أبا العبَّاس بن سُرَيج، يقول: سَمِعْتُ إسْمَاعِيْل بن إسْحاق القَاضِي، يقول: دَخَلتُ على المُعْتَضِد وعلى رأسِه أحْدَاثٌ رُوْمٌ صِبَاحُ الوُجُوه، فنظرتُ إليهم، فرآني المُعْتَضِد وأنا أتأمَّلهُم، فلمَّا أردْتُ القيام أشَارَ إليَّ، فمكُثت سَاعةً، فلَّا خَلا قال لي: أيُّها القَاضِي، واللّهِ ما حَللْتُ سرَاويلي على حَرَامٍ قَطّ.

وَقَعَ إلىَّ كتاب ذكَرَ صاحبهِ في تَرْجَمَتِهِ فيه أخْبار وحكايات، قَرأتُها بخَطِّ أبي نَصْر إبْراهيم بن عليّ بن عِيسَى بن الجَرَّاح، فيه: حَدَّثَني أبو القَاسِم عُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الأزْدِيّ النَّحْوِيّ، قال: سَمِعْتُ القَاضِي إسْمَاعِيْل بن إسْحاق، يقُول: دَعاني أَمِير المُؤمِنِين المُعْتَضِد بالله في بعض الأيَّام، فدخلْتُ عليه، وبينَ يَدَيْهِ جَامٌ لطيفٌ في طَبَق لطِيْف فيه خَبِيْصٌ، وبيده ملعقَة وهو يأكُل منه، فسلَّمْتُ عليه، فردَّ عليَّ السَّلام، وسوَّى الخبَيْص في الجام بالملعقَة الّتي في يده حتَّى اسْتَوى وانْبَسَط في الجام كما كان، ثمّ أمرَ برفْعه، ثمّ قال لي: يا إسْمَاعِيْل، قُلتُ: لَبَّيْكَ يا أَمِير المُؤمِنِين، قال: ما على إمام المُسْلِميْن إذا عَفَّ عن أموالهمِ، ما أكل من شيء؟ قُلتُ: لا شيء عليه يا أَمِير المُؤمِنِين ولا حَرَج، بل هي نِعْمة يُدِيْمُها الله، ويُسعِده بها، وكان بينَ يَدَيْهِ خَادِم وَضيء الوَجْه جِدًّا، فجعلتُ أنظر إليه وألْحظه، فرآني المُعْتَضِد، فقال: يا إسْمَاعِيْل، قُلتُ: لَبَّيْكَ يا أَمِير المُؤمِنِين، قال: ما حَلَلْتُ سَرَاويلي على حَرَام قَطّ، ولا يَسْألني الله عنه، قُلتُ: الحَمْدُ لله يا أَمِير المُؤمِنِين، فأُحَدِّثُ بهذا عنكَ؟ قال: نعم، حَدِّث به عِنِّي مَنْ أحببَت.


(١) تاريخ بغداد ٦: ٨٠، ونقله عنه سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ١٦: ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>