أيُّها الأمِيرُ، الأمان، قال: لك الأمان، قال: مضيْتُ بالرَّجُل لأضْربَ عنُقَه فجُزْتُ ببَيْتٍ خَالٍ، فقال لي: ائذن لي أدخُل هذا البَيْت فأُصَلِّى فيه رَكْعَتين، فاسْتَحْيَيتُ من الله عزَّ وجلَّ أنْ أمْنَعَهُ من ذلك فأذنْتُ له، فدَخَل فأطال، فدخَلْتُ إلى البَيْت فلم أجِد فيهِ أحدًا وليس في البَيْت طاق نافذٌ، فجئْتُ لأُخْبركَ بذلك. قال: فقال له: فهل سمعتهُ يقُول شيئًا؟ قال: نعم، قال: ماذا سَمِعته يقول؟ قال: سمعتُهُ قد رفَع يدَيهِ وهو يُشِيرُ بإصْبَعَيْهِ وهو يَقُول: يا لَطِيْف لِمَا يَشاء، يا فَعَّال لِمَا يُريد، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وآلهِ، والْطُف لىِ في هذه السَّاعَة، وخَلِّصني من يَدِيه، فدخلْتُ البَيْت بعدَ هذا أطلُبُه فلم أجد فيهِ أحدًا، فقال له أحْمَد بن طُوْلُون: صَدَقْتَ هذه دَعْوَةٌ مُسْتَجابة.
وقال الحَضْرَميُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن يَحْيَى يقُولُ: سَمِعْتُ أبا يَعْقُوب بن صَيْغُون؛ الرَّجُل الصَّالح، يقُول: كان لي صَدِيقٌ بالمَعَافِر من خِيَارِ المُسْلمِيْنَ، فَقِيْر كان له أرْبع بناتٍ، فجَمَعْن من غَزْلهنَّ أحد عَشر دِيْنارًا اشْتَرين جَارِيَةً أعْجَميَّة تَسْتَقي لهم من العُيُون والمَصَانِع بالمَعَافِر، وتخبز الخُبْز وتَخْدمهم، فهَرَبت منهنَّ في بعض الأيَّام، فأخذَها أصْحَابُ المصالح في بني وَائِل، فجئتُ فأخْبرنني بذلك، فجئتُ إلى أصْحَاب المصَالح فكلَّمتُهم، فقالوا: لا نَدْفعُها إلَّا بأرْبعة دَنَانِيْر، فخاطبتُ البَنات، فأخْرَجنَ إليَّ أربعة أزْواج حَلَق في كُلِّ زَوْج نصف دِيْنارٍ، فجئتُ إلى أصْحَاب المصَالح، فقالوا: لا نأخُذُ إلَّا أربعة دَنَانِيْر، فانصرفْتُ آخرَ النَّهَار إلى بِرْكَةِ المَعَافِر وقد دَخَلها الماء، فجلسْتُ على حَجَر على الماءَ، وقلعْتُ نَعْلي وجَعَلتُ الحَلَق عليها، فبينا أنا مَهمُومٌ إذ برَجُلٍ على بَغْل قد وقفَ بي، ونَزل فجلَسَ إلى جانبي وقلَبَ العنان وأمْسَكه بيَده وحَادَثني، واستَخْبرنى عن مَسْكني ومَوضِعي واسْتَوْصَف مَنْرِلي، إلى أنْ سَألَني عن سِيْرَة الوالي، فأخْبرتُه أنَّ له مَعْرُوفًا، وقد عَمِل هذه المَصَانِع للماء والمَارَسْتَان، وبَنَى الجامعَ، وحبَّسَ عليها الأحْبَاس، إلى أن سألني عن تلك الحَلَق الّتي رآها على النَّعْل، فأخْبرتُهُ الخَبَرَ،